Monday 4 January 2010

king hussein and lebanon's crisis in the 1970s


Below is another story on the Lebanese crisis during the 1970s - much talks about the role played of the late King of Jordan King Hussein who was even willing to go into a fight against Syria because it was unaware that its actions in Lebanon may lead to Israel's intervention
Camille Tawil

الملك حسين حذر غاضباً من محاربة سورية إذا واصلت تجاهل مخاطر أعمالها في لبنان


الخميس, 31 ديسيمبر 2009

لندن - كميل الطويل


تكشف سلسلة من الوثائق التي رُفعت عنها السرية في بريطانيا بعد مرور 30 سنة عليها أن العاهل الأردني الراحل الملك حسين كان مشغولاً جداً بإيجاد حل للأزمة اللبنانية التي كانت تشهد في نهاية العام 1978 حرباً طاحنة بين ميليشيات مسيحية والقوات السورية المشاركة في قوة الردع العربية. وتروي الوثائق أن الملك حسين سعى لدى الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد إلى «وقف تدمير» العاصمة اللبنانية، في إشارة إلى القصف العنيف الذي دمّر أجزاء من المناطق المسيحية وخصوصاً ضاحية الأشرفية في «حرب المائة يوم» (تموز/يوليو إلى تشرين الأول/اكتوبر). وتنقل عن الملك حسين إنه كان مستعداً لدخول حرب مع سورية إذا بقي السوريون يتجاهلون مخاطر ما يقومون به في لبنان، في إشارة إلى أن تصرفات سورية - بما في ذلك إدخال قوات جيش التحرير الفلسطيني إلى بيروت - قد تجلب تدخلاً إسرائيلياً.



وفي ما يأتي بعض الوثائق المتعلقة بتلك الحقبة من تاريخ الأزمة اللبنانية:



وثيقة دمشق



وفي مراسلة من دمشق تحمل عنوان «سري» مؤرخة في 13 تشرين الأول (اكتوبر) 1978، يكتب «كريغ» (السفير البريطاني في دمشق البرت جيمس ماكوين كريغ) ردّاً «على مراسلة من عمّان» أرسلها السفير هناك جون موبرلي وتتعلق بموقف الملك حسين من الأوضاع في لبنان:



«1- أتفق (مع موبرلي) على أن من المثير للإعجاب أن يُظهر الملك حسين اهتمامه الكبير بما يحصل في لبنان وأن يكون مستعداً لأن يُترجم قلقه إلى فعل، لكن الحل الذي يقترحه للبنان مفعم بالمشاكل. إن تدخل القوات الأردنية يمكن أن يؤثر في شكل كبير في الحساسيات لدى كل الأطراف المعنية، أي المسيحيين اللبنانيين، والمسلمين اللبنانيين، والسوريين، والفلسطينيين، ويؤثر فيهم بأشكال لا يمكن الآن تصورها، إذا لم يحصل تفكير معمّق في الأمر (مسبقاً).



2- بعض هذه الحساسيات قد يكون غير ذي قيمة أو غريباً، ولكنه جزء من الحقائق، والذين في الخارج عليهم أن يكونوا حذرين من إثارة مثل هذه الحساسيات، خصوصاً عندما لا يكون واضحاً - كما هو الأمر في هذه الحالة - كيف سيتم العمل بها (مقترحات الملك حسين).



3- اقتراح الملك هو واحد من اقتراحات عدة تم تقديمها في الأسبوع أو الأسبوعين الأخيرين. أفضّل أن أترك للأطراف أن يختاروا ما الذي يناسبهم من هذه الاقتراحات، بدل أن نُلزم أنفسنا من دون معرفة كافية بتفاصيل أي منها. وإذا ثبت لاحقاً أن أياً من هذه المقترحات عملي ويلقى دعماً من الأطراف، ساعتئذ يمكننا أن نُلقي بثقلنا وراءه.



غريغ».



وثيقة عمّان: الملك حسين مستعد للحرب



وكان السفير كريغ يرد على مراسلة سرية بعث بها في اليوم ذاته (13 تشرين الأول) السفير موبرلي من عمّان إلى رئيس الوزراء جيمس كالاهان وجاء فيها:



«1- عندما كان سكرتيري الأول يقوم بزيارة روتينية للقصر مساء أمس، تحدث إليه الملك حسين عن خطورة الوضع في لبنان وقدّم شرحاً لاقتراحات قدّمها إلى الرئيسين (إلياس) سركيس و(حافظ) الأسد للتعامل معها. قال إنه كان قدّم هذه الاقتراحات إليّ مباشرة لو سنحت له الفرصة (قبل الآن) ... عبّر عن تطلعه أن أنقلها اليكم (رئيس الوزراء) في أسرع وقت ممكن. قال إنه حذّر أيضاً الأميركيين والفرنسيين والروس من خطورة الأزمة اللبنانية الحالية - زميلي الأميركي (السفير في عمّان) قال لي الليلة الماضية إنه أبلغ واشنطن بأفكار الملك واقترح أن يُرسل السيد فانس (وزير الخارجية سايروس فانس) رسالة تأييد.



2- قال الملك إن الجميع يجب أن يعترف الآن بأن هناك أزمة في لبنان وانها على المستوى ذاته من الخطورة إذا لم تكن أسوأ من (كل) الأزمات السابقة بما فيها أزمة العام 1958. كان (الملك) على تواصل مستمر هاتفياً في الأسابيع الأخيرة مع كل من الرئيس الأسد والرئيس سركيس. سعى إلى أن يحصل من الأسد على فهم لما يريد أن يفعله في بيروت (في إشارة إلى القصف العنيف الذي كانت تتعرّض له المناطق الشرقية خلال «حرب المائة يوم»). شدد (الملك) عليه (الأسد) على أن بيروت عاصمة عربية وهي عزيزة على قلب العرب بمثل معزّة دمشق أو عمّان، وإنه حضّه على وقف التدمير فيها. قال الملك إن انطباعه كان بأن الاسد لم يعد يعرف ماذا يجب أن يفعل وانه يحتاج إلى نصيحة غير منحازة من شخص ما - هو مثلاً (أي الملك) - يحظى بثقته ويمكن أن يجعله يعي الخطر الحقيقي. قال إنه يعتقد أن وساطته ساعدت في جلب الوقف الحالي لإطلاق النار.



3- تابع الملك قائلاً إنه خائب كيف أن الدول العربية الأخرى ... رفضت أن تتحمل مسؤولياتها وتقوم بأي عمل. لم يحقق الرئيس سركيس (الذي زار عمّان في 11 تشرين الأول/اكتوبر في إطار جولة في السعودية ودول الخليج) سوى القليل خلال جولته ...4- في لقائه مع الملك، طلب سركيس الآتي:



أ - أن يرسل الأردن في شكل عاجل كتيبة تنتشر في مناطق التماس المشتعلة في بيروت، وبذلك تساعد في تثبيت وقف النار.



ب - أن يقوم الملك نفسه بالعمل كوسيط بين الأفرقاء المعنيين المختلفين الذين له علاقات معهم (مثل): السوريون، الشمعونيون، الولايات المتحدة والغرب.



5- في رده، قال الملك إن الأزمة الآن يجب أن يتم التعامل معها في شكل جذري. المحاولات الجديدة لترقيعها لا يمكن أن تؤدي سوى إلى راحة موقتة، وفي الوقت ذاته يتواصل تدفق السلاح إلى العاصمة. لذلك فانه اقترح على سركيس أن كل العناصر اللبنانية (خط تحت كلمة «اللبنانية») في الأزمة يجب أن يتم جمعها في مؤتمر (يُمكن أن ينعقد - إذا دعت الحاجة - في عمان) حيث يقرر اللبنانيون مستقبلهم. وبذلك يمكن أن يتم الحصول على حل دائم مقبول لكافة الأطراف. إن الأطراف الأخرى المعنية حاليا بالأزمة، مثل السوريين ومنظمة التحرير، يمكن أن تنضم لاحقاً (ولكن) بعد أن يكون اللبنانيون قد قرروا بأنفسهم ما يريدون.



6- قال الملك لسركيس إنه إذا قبل هو والأسد هذا الاقتراح فإن الأردن يمكنه أن يساعد في كل ما هو ممكن. فهو مستعد لا إلى أن يُرسل كتيبة فقط بل لواء كاملاً يمكنه أن يكون قوة فصل حيادية، لكنها تقاتل أي طرف، بحسب ما شدد، سواء كان المسيحيين أو السوريين أو الفلسطينيين، إذا حاول إفشال مشروع السلام. وكان مستعدا أيضاً إلى أن يستخدم نفوذه في وساطة كاملة بين الأطراف المعنية المختلفة.



7- قال الملك إن سركيس نقل مقترحاته مباشرة من عمّان إلى دمشق في آخر يوم 11 تشرين الأول (اكتوبر). قال لسركيس انه إذا لم يقبل هو والأسد اقتراحه فإنه سيسحب كل مساعدة يقدّمها و «يغسل يديه من الموضوع كله». الأمر الآن في يد سركيس. من جانبه، سيتحدث الملك هاتفياً في شكل حازم مع الأسد ليقول له إنه إذا لم يعد إلى جادة الصواب فانه يمكن أن يجد نفسه يحارب الأردن. لقد أرسل في ذلك اليوم وزير البلاط، الشريف عبدالحميد شرف، إلى دمشق لينقل هذه النقاط في شكل مباشر. إنه يتوقع رداً من الأسد خلال يوم أو أكثر.



تعليق



8- الرد الحازم للملك حسين على التطورات الأخيرة في لبنان يمكن أن يكون مرتبطاً بكآبة الرئيس سركيس، لكنه تحدث منذ فترة طويلة عن المخاطر التي تواجهها المنطقة إذا بقيت الأزمة اللبنانية من دون حل. إنه يفكّر بلا شك في احتمال حصول صدام مباشر بين القوات السورية والإسرائيلية وهو ما يمكن أن يؤدي إلى موجة من التعاطف هنا (في الأردن) تجعل من المتعذر على الأردن أن يتنحى جانباً، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى عواقب كارثية على الاستقرار والازدهار في هذه الدولة وعلى نطاق أشمل. لا بد أنه شاهد إدخال قوات جيش التحرير الفلسطيني إلى بيروت بوصفه أخطر خطوة وأكبر استفزاز يمكن أن يجلب في شكل أكبر خطر التدخل الاسرائيلي، وهو أمر يُلقي بالشكوك على حكمة الأسد أيضاً، كما يلقي بالشكوك على أهدافه على المدى البعيد. في حين أن كلام الملك عن أنه في حال الضرورة يمكن أن يُحارب السوريين يعكس مزاجه الغاضب ويجب عدم أخذه بشكل حرفي، إلا أنه (بلا شك) قلق جداً مما يبدو أنه عدم تنبه الأسد للمخاطر ويجب أن يتم دفعه (الرئيس السوري) كي يعي خطورة ذلك.



9- لم يعط الملك أي اشارة إلى القواعد التي يمكن أن تنتشر فيها القوات الأردنية في بيروت. لكنه أظهر وعياً لخطورة نشرها في أماكن يُمكن أن تضعها أمام احتمال محاربة الفلسطينيين والميليشيات اليسارية، وبعض هؤلاء ما زال يحمل ضغينة لما حصل في 1970 و1971. لكنه بدا على اعتقاد بأن الخطر يجب أن يتم تحمله إذا ما أريد احتواء الوضع.



10 - كما تتم رؤية الوضع من هنا، فإن اقتراحات الملك حسين في شأن عقد لقاء ينحصر في الأطراف اللبنانية المعنية في المقام الأول يبدو أنها تحمل أملاً أكبر من الاقتراحات الأخرى المطروحة في الساحة، خصوصاً أن الملك اظهر استعداده كي يعالج بحيوية مشكلة تبدو الأطراف الأخرى في المنطقة تلعب فيها ببساطة - هو أمر يستحق التقدير (من الملك). إضافة إلى ذلك، الموقف الحذر للملك حسين من اتفاقات كامب ديفيد أعطاه قدراً أكبر من النفوذ في الدول العربية على كافة اختلافاتها، بعكس ما كان الوضع في السابق. وفي الوقت ذاته، هو يتمتع برابط قوي منذ سنوات طويلة مع الموارنة، خصوصا داني شمعون، وتدخله يمكن أن يكون أكثر قبولاً لديهم من بقية الاطراف العربية.



موبرلي».



وثيقة من لبنان



وكان السفير البريطاني في بيروت بيتر ويكفيلد بعث برسالة سرية في 11 تشرين الأول (اكتوبر) 1978 إلى رئيس الوزراء البريطاني في 10 داونينغ ستريت أبلغه فيها بأن قوات جيش التحرير الفلسطيني دخلت العاصمة اللبنانية. وجاء في رسالة ويكفيلد:



«لبنان



1- عجلة الدولاب تلف دورة كاملة. القصص عن إدخال وحدات جيش التحرير الفلسطيني إلى لبنان من قبل السوريين تم تأكيدها الآن من خلال بعض تقاريرنا على الأرض. لقد أخبرني للتو طبيب يعمل لدى الأمم المتحدة إن قائد جيش التحرير الفلسطيني - كولونيل يدعى مزوق (قد يكون المقصود هو المقدم محمود أبو مرزوق القائد في جيش التحرير الفلسطيني) - أكد له إن كتيبتين موجودتان هنا. في الحقيقة، تقوم آليات مسلحة لجيش التحرير بدوريات على الكورنيش ... الأمر الذي يذكّرني بما كان عليه الوضع قبل عامين ونصف العام. لماذا أخذ السوريون هذه الخطوة التي تُعقّد، مثلما هو واضح، الأوضاع؟ سيزيد ذلك شعور المسيحيين بأنهم مهددون، وكان سيلقى حتى وقت قريب معارضة المساهمين الآخرين في قوات الردع العربية.



2- هناك تغيير في التحالفات وآراء الحكومات العربية في الفترة التي تلت توقيع اتفاقات كامب ديفيد (أيلول/سبتمبر 1978). إن إصرار مصر على السير في سلام منفصل يُرغم الحكومات العربية الأخرى على أخذ آراء متشددة، مثلما توقّع الملك حسين. كان من المتوقع أن يعترض على ذلك وزراء خارجية الدول المساهمة في قوات الردع (سيجتمعون يوم الأحد) - يعترضون على إضافة جيش التحرير (الفلسطيني) إلى هذه القوة (الردع). لكن في ظل هذه الأجواء، هل يمكن أن يتم الإفصاح عن (مثل) هذا الاعتراض؟



3- السبب العسكري لاستحداث قوات جيش التحرير قد يكون متعلقا بأن وحدات الجيش السوري مرهقة. لكن من الصعب التصديق انه لا يمكن توفير وحدات أخرى من الجيش السوري للحلول محلها. هل الأمر هو للتحضير لانسحاب جزئي للقوات السورية، إذا ما تعرّضت لضغط لتفعل ذلك؟ إن وحدات جيش التحرير الفلسطيني، إضافة إلى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية - والصاعقة، والميليشيات المسلمة التي تسلحها سورية وتدربها، يمكنها أن تصد هجوماً يشنّه الموارنة، ووصول قوات جيش التحرير هو تحذير للموارنة من أن الأمر لن يكون كما يحلو لهم إذا انسحب السوريون. هل الاتفاق على استخدام قوات جيش التحرير يمثل تغييراً في الموقف الفلسطيني القاضي بعدم الانخراط مجدداً في الفخ اللبناني؟



4- من الطبيعي أن يتابع الإسرائيليون باهتمام وصول جيش التحرير الفلسطيني. إذا اندلع القتال مجدداً بمشاركة الفلسطينيين، هل يمكن أن يكون الإسرائيليون أقل قدرة على غضّ النظر؟ كلام الرئيس (أنور) السادات أمس عن سورية ولبنان يمكن أن يعني أنه مصمم على أن الإنفجار في لبنان لن يحيده عن مسار السلام.



5- وصل زميلي الأميركي (جون غونثر دين). أخبرني الليلة الماضية أنه قضى معظم وقته للتحضير لمهمته في «الكابيتول هيل» بدل وزارة الخارجية لأن اللوبي الماروني بمساعدة اسرائيل بدأ يؤثر في موقف الكونغرس. ولكن، في حين قال له أعضاء الكونغرس في شكل قوي إن شيئاً ما يجب القيام به من أجل المسيحيين في لبنان، إلا أنه لم يكن هناك أي طرح لتدخل مادي مباشر. المساهمة المالية والسياسية نعم، ولكن قوات لا.



ويكفيلد».


The lebanese crisis in 1978-79 - israel was willing to accept syria's control of lebanon



Below is a story I wrote of Israel's role on Lebanon in 1978 - based on British officail papers
Camille Tawil
ا
لإسرائيليون يدخلون على خط الأزمة اللبنانية لكنهم كانوا مستعدين لتقبّل سيطرة سورية كاملة على مناطق المسيحيين


الجمعة, 01 يناير 2010

لندن - كميل الطويل

تروي الوثائق البريطانية التي رُفعت عنها السرية بموجب مرور 30 سنة عليها تفاصيل عن مدى خطورة الأوضاع التي بلغها لبنان عام 1978 مع احتدام «حرب المائة يوم» بين القوات السورية وميليشيات الأحزاب المسيحية وعلى رأسها حزب الكتائب والأحرار. وتنقل عن رئيس الوزراء البريطاني جيمس كالاهان تساؤله أمام العاهل الأردني الملك حسين عما إذا كان هناك بلد بعد يُسمّى لبنان، فرد عليه الملك حسين بالقول إنه يُشكك في ذلك. وجاء كلامه هذا في ظل تصعيد غير مسبوق في القتال الذي أدّى إلى تدمير أجزاء واسعة من المناطق التي تسكنها غالبية مسيحية في شرق بيروت. وتكشف الوثائق أن إسرائيل كانت على وشك التدخل مباشرة في الحرب ضد السوريين لكن «القادة الموارنة» لم يكونوا يعرفون بذلك، والا لما وافقوا على وقف النار. وتتحدث الوثائق عن مساعي تشكيل حكومة جديدة في لبنان واستقالة الرئيس إلياس سركيس والتي عاد عنها لاحقاً.



كما تكشف الوثائق معلومات عن هجمات استهدفت مسيحيين في منطقة القاع في البقاع وفي منطقة البترون الشمالية قامت بها قوات سورية تتبع إمرة رفعت الأسد. وحصلت تلك الهجمات في أعقاب تورط ميليشيات مسيحية (الكتائب) بقتل نجل الرئيس اللبناني سليمان فرنجية النائب طوني فرنجية وعائلته في بلدة إهدن والتي قام بها عناصر من حزب الكتائب رداً على اعتداءات طالت أنصار هذا الحزب على يد مناصرين لفرنجية (تيار المردة).



وفي ما يأتي ملخّص لبعض هذه الوثائق:



يكتب السفير البريطاني في بيروت بيتر ويكفيلد في تقرير «خاص» إلى حكومته في لندن بتاريخ 9 تشرين الأول (أكتوبر) 1978 ملخّصاً لأبرز ما يحصل في لبنان، فيقول:



1- كل النشاط السياسي تقريباً في شأن مشكلة لبنان يحصل في دمشق. الرئيس (سركيس) وبعض وزرائه المسيحيين وقائد الجيش تم اللحاق بهم الآن (إلى دمشق) من قبل كل زعماء الأحزاب الإسلامية اللبنانية تقريباً باستثناء إبراهيم قليلات. تمت مشاهدة (زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر) عرفات مع (الرئيس حافظ) الأسد أيضاً.



2- بينما اللقاء في دمشق يتعلق بمستقبل قوات الردع العربية وتشكيل حكومة سياسية لبنانية جديدة تنال موافقة السوريين، فإن القادة الموارنة يزيلون الركام ويقيّمون نتائج جولة القتال الأخيرة («حرب المائة يوم» في الأشرفية ومناطق أخرى في شرق بيروت). عامل مهم لا بد أنه بدأ يتم فهمه، وكما قيل لنا شكّل بمثابة صدمة لبشير الجميل (القائد العسكري لميليشيات حزب الكتائب ورئيس للجمهورية اغتيل بعد قليل من انتخابه عام 1982)، هو غياب التدخل الإسرائيلي بعد قصف سوري تجاوز في شدته ومدته ما حصل في بداية تموز(يوليو) (تاريخ بدء «حرب المائة يوم». قال داني شمعون (قائد ميليشيا «نمور» حزب الأحرار) لمستشاري أمس انه لم يراهن على حصول تدخل إسرائيلي. لكننا نعرف على رغم ذلك (من خلال المراسلة من تل ابيب - الرقم 441 و442) كم كان الإسرائيليون على وشك أن يتدخلوا مباشرة. إنه لأمر جيّد أن القادة الموارنة لم يكونوا يعرفون ذلك لأن موافقتهم على وقف النار ما كانت لتحصل بهذه السرعة. ليس واضحاً لنا هل كان يعرف السوريون بهذا الخطر (التدخل الإسرائيلي)، ولكن ذلك ربما - كما هو واضح - كان عاملاً في موقفهم من المفاوضات الحالية الجارية في دمشق. ربما كان ذلك سيفيد الرئيس سركيس لو أنه علم بذلك وكان مستعداً كي يستخدمه (في مفاوضاته مع السوريين).



3- نُقل عن الرئيس الأسد في صحف بيروت انه سُئل تعليقه على قرار مجلس الأمن الداعي إلى وقف النار، فأجاب بأنه سُئل عن ذلك مسبقاً وكان أول من شجع على وقف النار. ولكن السوريين لم يلتزموا به إلى ما بعد مرور 24 ساعة من صدوره. الموارنة، في المقابل، يزعمون انهم أوقفوا اطلاق النار باستثناء الدفاع عن النفس، مباشرة بعد سماعهم بقرار الدعوة إلى وقف النار. عندما أُعلن وقف النار سبقه قصف سوري ختامي بدا فيه وكأن كل قطعة مدفعية من أي عيار يمكن استخدامها قد صوّبت فوهاتها إلى بيروت الشرقية. كان أمراً بلا إحساس.



4- وسيط الأمم المتحدة، سراج الدين خان، من المقرر أن يصل إلى بيروت اليوم. إن وقف النار واهٍ ويحتاج إلى جهود منه (وسيط الأمم المتحدة) ومن غيره لتثبيته. أحدى ضحايا أحداث نهاية الأسبوع، للأسف، هي المبادرة الفرنسية التي تم دفنها فعلياً الآن.



ويكفيلد».



حكومة لبنانية جديدة



في وثيقة أخرى مرسلة من بيروت إلى الحكومة البريطانية بتاريخ 4 تشرين الأول (اكتوبر) 1978، يكتب السفير ويكفيلد في تقرير «خاص» أن رئيس الوزراء اللبناني سليم الحص يرفض الاستقالة على رغم أن الرئيس إلياس سركيس كان قد أعلن أنه يعمل على تشكيل حكومة جديدة على خلفية تداعيات التدمير العنيف الذي تعرّضت له المناطق المسيحية شرق بيروت على يد القوات السورية. ومعلوم أن حكومة الحص وهي الأولى في عهد الرئيس سركيس كانت تضم إضافة إليه كلاً من فريد روفايل، ميشال ضومط، أمين البزري، صلاح سلمان، أسعد رزق، إبرهيم شعيتو وفؤاد بطرس (الأخير كان السياسي الوحيد في حكومة التكنوقراط).



وجاء في الوثيقة:



«أزمة الحكومة اللبنانية



1- على رغم إعلان الرئيس سركيس في 2 تشرين الأول أنّه يعمل على تشكيل حكومة سياسية لبنانية جديدة، إلا أن حكومة سليم الحص لم تستقل. إضافة إلى ذلك، اعلن الحص أمس أن ليس في نيّته الاستقالة حتى يتم توضيح من سيحل محل حكومته. لديه تأييد من غالبية المسلمين، وموقفه له معنى بلا شك.



2- قال بعضهم إن الفترة الزمنية التي حددها سركيس بعشرة أيام لتطبيق خطته الأمنية مرتبطة بتشكيل الحكومة الجديدة أيضاً. الوزير المسيحي ميشال ضومط اكد لي انه استقال قبل أسبوع، لكن الإعلام لم يُشر سوى إلى أن في نيته الاستقالة. تقول التقارير إن الوزراء المسحييين الثلاثة الآخرين سيستقيلون في 12 تشرين الأول إذا لم يستقل رئيس الحكومة بحلول ذلك التاريخ.



3- من المقرر أن ينعقد مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم ليناقش الخطة الأمنية وعرض فرنسا وساطتها.



ويكلفيلد»



إجلاء الرعايا البريطانيين



وكان تقرير سري من السفارة في بيروت إلى الحكومة البريطانية بتاريخ 4 تشرين الأول، أي في ظل احتدام «حرب المائة يوم»، عرض تفاصيل عملية إخلاء الرعايا البريطانيين من لبنان. وأشار التقرير الذي يحمل عنوان «خطة طوارئ للبنان» إلى «تدهور كبير في الوضع الأمني خلال الأيام الماضية»، وخلص إلى أن «من الضروري نصح البريطانيين الذين لا ضرورة لبقائهم في لبنان بأن يغادروا مع عائلاتهم وأولادهم». وعرض التقرير لتفاصيل خطة طارئة لتنفيذ عملية الإجلاء من خلال المطار الذي لفت إلى أنه غير آمن إذ يمكن أن يتعرض للقصف، او برّاً عبر طريق الشام إلى سورية.



كالاهان والملك حسين



ويعرض تقرير سري لرئاسة الحكومة البريطانية ملخصاً لمحادثات أجريت بين رئيس الوزراء جيمس كالاهان والملك حسين في 10 داونينغ ستريت بتاريخ 13 أيلول (سبتمبر) 1978 الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر. ولا يتناول الملخّص سوى الجزء المتعلق بلبنان في المحادثات (بقية المحادثات سترد بلا شك في تقارير أخرى خاصة بالدول أو المواضيع التي تم عرضها أيضاً):



«لبنان



سأل رئيس الوزراء (كالاهان) هل يمكن أن يُقال أن هناك بلداً ما زال يُسمّى لبنان. قال الملك حسين إنه يشكك في ذلك. كان واضحاً أن الإسرائيليين متورطون في شكل فعلي في دعم المسيحيين في جنوب لبنان. الوضع لم يكن له تداعيات مباشرة على الأردن ولكن كان واضحاً انه يؤثر في الموضوع الفلسطيني وفي موقف سورية. وافق الدكتور أوين (وزير الخارجية ديفيد أوين) على انه اذا كانت مفاوضات كامب ديفيد (بين مصر وإسرائيل) يمكن أن تفشل فإن سورية يمكن أن تواجه إغراء بالرد في لبنان (بهدف إفشال المفاوضات). قال الشريف عبدالحميد (شرف) إن السوريين اعتبروا المحاثات التي أجريت في فيينا بين كرايسكي (المستشار النمسوي برونو كرايسكي – من 1970 إلى 1983) وبرانت (المستشار الألماني السابق فيللي برانت – من 1969 إلى 1974) والرئيس الأسد بأنها تراجع إلى الوراء (retrogression). قال الدكتور أوين إن الرئيس السادات قدّم مساهمة كبيرة نحو إيجاد موقف مؤيد للموقف العربي في الدول الغربية - وإن هذا في حد ذاته انجاز مهم.



انتهت المحادثات الساعة 1755».



الدور الإسرائيلي



ولعل من بين أهم الوثائق التي رُفعت عنها السرية في خصوص الأزمة اللبنانية تلك المتعلقة بالدور الذي كان يلعبه الإسرائيليون آنذاك. إذ يكتب السفير البريطاني في تل أبيب تقريراً سرياً يكشف فيه جانباً عما تبلّغه من الإسرائيليين عن علاقتهم بالميليشيات المسيحية وموقف الحكومة العبرية من الحرب التي كانت تشنها آنذاك القوات السورية ضد المناطق الشرقية في «حرب المائة يوم». كاتب التقرير هو «نيونغتون» أي مايكل نيونغتون القائم بالأعمال في سفارة بريطانيا في تل أبيب (السفير آنذاك كان توماس أنتوني كيث إيليوت)، وهو عبارة عن ملخص اجتماعه مع نائب وزير الدفاع الإسرائيلي موردخاي تسيبوري (من تكتل ليكود والذي شغل منصب وزير الاتصالات بعد انتخابات العام 1981). ويكشف التقرير ملامح حصول مواجهة سورية - إسرائيلية على الأرض اللبنانية، لكنه يكشف أيضاً أن الإسرائيليين كانوا سيتقبلون سيطرة القوات السورية على مناطق المسيحيين في شمال لبنان لأن الخلاصة التي توصلوا إليها هي أنه لن يمكنهم تغيير هذه النتيجة إذا قررت دمشق اجتياح المناطق الشرقية والوصول إلى مرفأ جونيه في كسروان الذي كانت تصل منه إمدادات السلاح إلى الميليشيات المسيحية من الدولة العبرية.



جاء في التقرير الذي يحمل تاريخ 4 أيلول 1978:



1- تكلمت، كما طُلب مني، مع تسيبوري، نائب وزير الدفاع، في 3 أيلول



2- قال تسيبوري إنه سعيد بسماعه أننا نحض السوريين على ضبط النفس. إن عملياتهم في شمال لبنان خلال الأسبوعين الأخيرين قدّمت دليلاً كافياً - إذا كان هناك من حاجة إلى دليل - على أن السوريين يحاولون الهيمنة كلياً على لبنان، وإنهم مستعدون أن يسحقوا أيّاً كان يحاول الوقوف في طريقهم. لم ينف أنه كانت هناك حالات استفزاز للسوريين من قبل عناصر مارونية، لكنه قال إنه غير صحيح بتاتاً أن إسرائيل شجّعت على مثل هذه التصرفات. كرر أكثر من مرة أنه في خلال محادثاتهم مع القادة الموارنة كان الإسرائيليون يحضونهم على إبداء الاعتدال و(يؤكدون) الحاجة إلى تفادي اشتباكات غير ضرورية مع السوريين. ولكن لم يكن الموارنة دائماً هم من يفتعل المشاكل. كانت هناك حالات عديدة لأعمال مشينة قام بها الجنود السوريون إلى الحد الذي باتت فيه الحكومة السورية نفسها قلقلة من تصرفاتهم هذه.



3- قال تسيبوري إن «الموقف الرسمي» للحكومة الإسرائيلية ينص على الآتي: «ليس لدى اسرائيل الرغبة في التدخل. ولكن على السوريين أن يعرفوا أنّهم إذا تحركوا لتدمير المقاومة المارونية فإن على إسرائيل أن تدرس خطوات يمكنها أن تلجأ اليها. في الوقت ذاته، ليس هناك أي شك في أن اسرائيل ستوقف شحنات السلاح. طلب الموارنة من إسرائيل أسلحة للدفاع عن أنفسهم. ردت إسرائيل على هذا الطلب في شكل معتدل وهي ستواصل فعل ذلك. ولكن على السوريين أن يعرفوا أنهم إذا قاموا بخطوة حقيقية نحو تهدئة الأوضاع (في لبنان) فإن اسرائيل ستقدم على خطوة مماثلة.



4- بعد أن قرأ «الموقف الرسمي»، لمّح تسيبوري إلى أنه و(وزير الدفاع آنذاك عازر) وايزمان كانا ميّالين إلى أخذ موقف حذر أكثر من زملائهما (في حكومة مناحيم بيغن). كرر مرات عدة أن موقف إسرائيل إزاء الأوضاع في الشمال (أي لبنان) مدفوع أساساً من ناحية إنسانية (فليس هناك من يهودي يتذكر المحرقة ويمكنه أن يدير أذناً صماء إلى مناشدات المسيحيين لمساعدتهم). ولكن بالطبع الأحداث في الشمال لها أهمية استراتيجية بعيدة المدى لإسرائيل التي عليها ان تأخذ ذلك في الحسبان، ولكن في جنوب لبنان فإن مصلحة اسرائيل واضحة حيث هي متورطة في شكل جلي (في إشارة إلى دعم إسرائيل «جيش لبنان الحر» بقيادة الرائد سعد حداد بعد عملية الليطاني في 1978). دان تسيبوري المواقف الصاخبة التي صدرت عن أرينز (موشيه أرينز رئيس لجنة الخارجية والدفاع في الكنيست) وآلون (ربما يقصد ييغال آلون الذي كان وزيراً سابقاً للخارجية بين 1974 و1977) من ضمن آخرين، ولهذا السبب أصدر هو بياناً حذراً. إسرائيل لا تسعى إلى قتال مع سورية، وستواصل العمل بضبط النفس. هو يأمل بأن يفعل السوريون ذلك أيضاً. لقد احتلوا (أي السوريين) حتى الآن 20 قرية، وهناك مؤشرات إلى أنهم يخططون للذهاب إلى جونيه، ربما لقطع الميليشيات المارونية عن مصادر إمدادها.



5- شكك تسيبوري في احتمال أن يقيم السوريون أي حوار سياسي مع الزعماء المعتدلين المسيحيين. الموارنة، بالطبع، منقسمون على أنفسهم في شكل ميؤوس منه، وانطباعه أن سياسة السوريين هي استغلال انقساماتهم لمصلحة سورية.



6- يجب أن تعرفوا انه بحسب السفارة الأميركية فقد أرسل السوريون في 1 أيلول 22 طائرة ميغ، رداً على ما يبدو انه طيران استطلاعي اسرائيلي (فوق لبنان). عندما سألت تسيبوري عن خطر حصول مواجة جوية، هز بكتفيه قائلاً إن الأمر يعود إلى السوريين.



7- تعليق:



اعتقد أن تسيبوري كان يحاول الإيحاء (الفقرة الرابعة أعلاه) بأن اسرائيل في آخر المطاف يمكن أن تذعن لسيطرة سورية كاملة على الشمال - ربما لأن جيش الدفاع الإسرائيلي توصل إلى الخلاصة المنطقية بأن إرسال جنود على الأرض (لمنع السيطرة السورية) لن يكون مقبولاً لا عملانياً ولا سياسياً. لكنني أبقى من اصحاب الرأي القائل بأن السوريين إذا دفعوا بشدة، فإن إسرائيل ستشعر بأنها مرغمة على استخدام سلاحها الجوي، على رغم أن ذلك ربما لن يكون كافياً لتغيير النتيجة».



موقف بريطاني ضد تقسيم لبنان



وفي تقرير بعث به السفير البريطاني في دمشق البرت جيمس ماكوين كريغ بتاريخ 2 أيلول 1978، تحدث السفير عن لقاء جمعه بوزير الخارجية السوري عبدالحليم خدّام الذي كان عائداً من موسكو، وكيف أن المسؤول السوري شكك في أن بريطانيا تؤيد فعلاً وحدة لبنان وكيف أنه تحدث مطولاً ضد موضوع تقسيم لبنان. نصح السفير كريغ حكومة بلاده بإصدار موقف توضح فيه أنها «ضد التقسيم».



لقاء مع بيغن



وفي تقرير بعث به السفير في بيروت بيتر ويكفيلد بتاريخ 1 أيلول 1978 ملخّص لما سمعه مع وزير الخارجية اللبناني آنذاك فؤاد بطرس عن تطورات الوضع في لبنان. وجاء في التقرير:



1 – (هذا) ملخص للقاء مع فؤاد بطرس نفى فيه الوزير أن هناك أدلة على أن السوريين على وشك شن هجوم واسع على الميليشيات المارونية. قال إن عملية البترون كانت رداً على هجوم شنته القوات السورية. فقد كان قتلُ الشبان في بشري في منطقة الأرز حادثا مأسوياً قامت به قوات رفعت الأسد تحت قيادة الرائد ... لقد حضر بطرس للتو اجتماعاً للرئيس (سركيس) مع الجنرال أصلان قائد القوات السورية في لبنان. أمر أصلان الرائد ... وقواته بالعودة إلى البقاع، ولم يعط أي مؤشر إلى نية السوريين شن عملية واسعة النطاق على الميليشيات (المسيحية). وافق بطرس معي على أن السوريين سيكونون في حاجة إلى استقدام مزيد من القوات إذا أرادوا دخول مناطق العمق الماروني. لكنه لم يستبعد أن يشن الرئيس السابق (سليمان) فرنجية هجوماً بالتعاون مع رفعت الأسد. لكنه أعرب عن أمله بأن الأخير سيُظهر حذراً بعد الضجة التي حدثت نتيجة سوء ممارسات سلطاته في منطقة الأرز.



2- قال بطرس إنه بات مقتنعاً الآن أن الرئيس السابق كميل شمعون هو الشخصية اللبنانية التي قابلت فعلاً (مناحيم) بيغن ووزرائه قبل أسبوع. قلت له إننا توصلنا إلى هذه القناعة أيضاً قبل أيام. اتفقت معه على أن الإسرائيليين يبدو أنهم اعطوا شمعون «تعليمات» بتفادي القيام باستفزازت قبل (توقيع اتفاقات) كامب ديفيد. على رغم أن لديّ تقارير تقول إن الإسرائيليين سيتعاونون مع المسيحييين ضد السوريين بعد كامب ديفيد، إلا أنني توافقت معه (بطرس) على أن الإسرائيليين سيطلبون من شمعون أن يتشاور معهم مجدداً في ضوء نتائج محادثات كامب ديفيد.



3- قال بطرس إنه حاول في لقائه الأخير مع الأسد وخدام أن يُقنع السوريين بالتوصل إلى حل سياسي وليس عسكرياً مع الموارنة. قال إنه كان صعباً اقناعهما وإنهما يعتبران أن جميع الأعضاء في الحزبين المارونيين (يقصد الكتائب والأحرار) تم تشويههم بالفرشاة الإسرائيلية. كان صعباً عليهما اعتبار أن هناك معتدلين بينهم، واعتبرا أن الدعوة إليهم لكي يوقفوا العمل العسكري ويحلّوا الأمر سياسياً «خدعة». في المناسبة، قال بطرس إن الأسد لم يُظهر أي مؤشر إلى أنه مريض مرضاً خطيراً، فقد كان هادئاً ومتماسكاً، لكنه قال إنه (الأسد) يحاول أن يُصبح سليماً صحياً في شكل أفضل من خلال ممارسة التمارين وتخفيض وزنه».



معلومات أميركية



وفي 1 ايلول بعث مايكل نيونغون القائم بالأعمال البريطاني في تل أبيب بتقرير «خاص» إلى حكومته تضمن معلومات عن سياسة الولايات المتحدة تجاه الأزمة اللبنانية. وجاء في رسالة المسؤول البريطاني:



1- في 31 آب (أغسطس) قال لنا المستشار السياسي الأميركي (الرجاء حماية هويته) الرواية الآتية لخلفية الموقف الأميركي الأخير.



2- التحرك الأميركي يعتمد على دليل واضح وقوي بحصول تغيير في النيات السورية على الأرض في شمال لبنان:



أ - للمرة الأولى يستولي السوريون على القرى المارونية في الشمال الذي لم يكن مشاركاً في جولات القتال السابقة (...) خلال يومين تمت السيطرة على أكثر من عشر قرى (في الشمال)



ب - القرى المعنية لم تكن مرتبطة ارتباطاً قوياً بالكتائب. لم تكن تضم عناصر مسلحة فاعلة. لم يكن لذلك علاقة بالقتال الجاري في بيروت.



ج - هذه المرة الأولى التي يتم اعتراض طائرات الاستطلاع الإسرائيلية بطائرت «ميغ» السورية. حصل هذا كل يوم من الأيام الخمسة الماضية بما في ذلك يوم 30 آب . علّق (موشيه) دايان للقائم بالأعمال الأميركي في 31 آب بالقول إن سلاح الجو الإسرائيلي لن يقف مكتوف الأيدي إزاء ذلك لفترة طويلة و «سنلقّنهم درساً».



3- التدخل الأميركي لدى السوريين تم على شكل رسالة من السيد فانس (وزير الخارجية) إلى الرئيس الأسد طُلب من السفير الأميركي نقلها في 31 آب. تطلب الرسالة من السوريين أن يوقفوا النار في شكل أحادي وأن يوقفوا المواجهات في بيروت والشمال. أعرب (مناحيم) بيغن عن سعادته بالتحرك الأميركي ووعد بأن لا يتم تسريب ذلك من خلال المصادر الإسرائيلية. (ملاحظة: لم يتم بعد تسريب ذلك. قال بيغن إنه تحت ضغط كبير كي يرسل مساعدات للمسيحيين اللبنانيين، لكن لا رغبة لديه في التصعيد بهذا الشكل. قال: «من السهل إرسال العسكريين، لكن من الصعب جداً إعادتهم»).



4- ملاحظة: رد الفعل الإسرائيلي الأوّلي إزاء مد سورية عملياتها إلى القرى الشمالية كان على شكل إنذار خشية أن يكون ذلك مقدمة لمحاولة جدّية لسحق الميليشيات (المسيحية) ... الإسرائيليون أكثر ارتياحاً الآن. مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية قال لي إن السوريين يقطعون الآن جزءاً آخر من قطعة النقانق (سلامي): يبدو أنهم تلقّوا وفهموا أن اسرائيل لن تسمح لهم بأن يقضموا قطعة السلامي كلها. ...



5- إن الخوف من الاعتراض السوري لن يؤدي بالتأكيد إلى وقف الطلعات الاستطلاعية الإسرائيلية. ردهم سيكون على الأرجح إرسال مرافقة معززة في شكل أكبر لطائرات الاستطلاع وإلقاء العاتق على السوريين للمبادرة بإطلاق الطلقة الأولى. لذلك فإن هناك من الواضح خطر حصول اشتباك جوي».



سحق الميليشيات المارونية



وفي تقرير سري بعث به السفير في بيروت ويكفيلد بتاريخ 25 آب 1978 تحدث فيه عن تطورات الهجوم السوري على المناطق الشرقية. وجاء في التقرير:



«لبنان:



1- لقد تناولت كوب شاي كئيباً مع الرئيس سركيس أمس. لقد طرح عليّ جملة اسئلة صعبة مثل:



أ – هل أعتقد أن السوريين يمكنهم سحق الميليشيات المارونية؟



ب – ما هي البدائل لمثل هذه المحاولة من السوريين؟



2- قلت له إن ذلك يتطلب إجراء تقويم عسكري - سياسي بالغ الصعوبة. لكن تكهني هو أن السوريين لن يمكنهم سحق المقاومة كلياً قبل أن تتدخل إسرائيل ويتدخل الرأي العام العالمي. أعربت عن اعتقادي انه يجب بذل كل الجهود من أجل التوصل إلى حل سياسي مع المسيحيين المعتدلين. هذا الأمر ليس سهلا لأن المتشددين من قادة الميليشيات المسيحية كانوا يهددون بقطع الدعم عن مثل هؤلاء القادة المعتدلين مثل أمين الجميل وداني شمعون».



وبعث ويكفيلد بتقرير خاص آخر في الشهر ذاته إلى حكومته عن أحداث أمنية متفرقة شهدها لبنان في آب وبينها:



- هناك تقرير عن غارة إسرائيلية على منطقة بين الزهراني والنبطية.



- حصل قتال فلسطيني - فلسطيني عنيف جداً في مخيم البداوي، هو الأسوأ منذ القتال بين فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في صور وصيدا والنبطية الشهر الماضي. حصل إطلاق نار (أيضاً) في مخيم صبرا. نتوقع استمرار المواجهات بين المعتدلين وجبهة الرفض المؤيدة للعراق في بيروت.



- قال لي الملحق الأميركي الذي حل محل الكولونيل بادولاتا أمس إن الإسرائيليين تعهدوا لنا بأنهم لن يزوّدوا الميليشيات المارونية في بيروت بالدبابات وإن المساعدات إلى شمال لبنان لم تتضمن مدفعية. قال لي إن وزارة الدفاع اللبنانية أبلغته أمس بأنها أرسلت إلى سعد حداد رسالة تبلغه فيها بإعفائه من المسؤولية عن الجنود اللبنانيين الذين يخدمون في ميليشياته».



كذلك بعث ويكفيلد بتقرير آخر في ذلك الشهر عن عزم الرئيس سركيس الاستقالة. وجاء في التقرير:



1- كما قلت في الاتصال مع تومكيس (المسؤول عن قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية «ميناد») فقد بات معروفاً اليوم أن الرئيس (سركيس) يعتزم الاستقالة. لقد حضّته الحكومة وقادة آحرون على البقاء في منصبه. السفير الأميركي باركر - الذي كان لديه موعد مع الرئيس خلال النهار - حضّه ايضاً على اعادة النظر في قراره. الموقف حتى هذه اللحظة هو أن الرئيس ينوي الاستقالة، لكنه لن يفعل ذلك فوراً، ما دامت هناك فرصة لإيجاد حل للمشاكل الراهنة.



2- تكلمت، كما طُلب مني، مع الرئيس (اللبناني) وعبّرت له عن تعاطفي معه ازاء الوضع الذي هو فيه وحضّضته على أن لا يتصرف بتسرع. قال الرئيس إن ليس بطبعه أن يأخذ قرارات متسرّعة».



غداً حلقة رابعة


Khaddam's meeting with the UK prime minister in 1979 لقاء خدام وكالاهان عام 1979


Below is a story I wrote based on the minutes of a meeting between the then foriegn minister of Syria and the UK prime minister in 1979
Camille Tawil

خدّام: سورية منعت قيام يمن موحد بقيادة الشيوعيين ... واستقرار دول الخليج مرتبط بموقفها من كامب ديفيد
السبت, 02 يناير 2010

لندن - كميل الطويل


تكشف الوثائق البريطانية التي رُفعت عنها السرية لمناسبة مرور 30 سنة عليها أن حكومة جيمس كالاهان طلبت وساطة نظام الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد لتحسين علاقات لندن مع النظام العراقي الذي كان يقوده الرئيس أحمد حسن البكر، وأن دمشق وعدت بالقيام بوساطة، لكنها لم تُثمر على ما يبدو نتيجة «تنحي» البكر عن السلطة لمصلحة صدام حسين الذي يروج على نطاق واسع أنه كان وراء ارغام البكر على الاستقالة. وساءت العلاقات بين دمشق وبغداد في ظل حكم صدام.



وتورد الوثائق محضراً طويلاً مفصّلاً لمحادثات جرت في لندن بين رئيس الحكومة جيمس كالاهان ووزير الخارجية السوري آنذاك عبدالحليم خدام الذي شرح سبب معارضة بلاده مساعي السلام بين مصر وإسرائيل، وهاجم بعنف الرئيس الراحل أنور السادات، واعتبر أنه سائر «على طريق شاه إيران» الذي كان قد سقط لتوه أمام مؤيدي الراحل آية الله الخميني. وكشف خدام أن سورية هي التي تدخلت لدى اليمن الجنوبي الذي كان يحكمه نظام شيوعي لوقف حال العداء وإسقاط النظام في اليمن الشمالي لأنها لا تريد وضع دول الخليج في مواجهة يمن موحد يضم عشرة ملايين نسمة بقيادة الشيوعيين. لكنه أضاف أن استقرار دول الخليج مرتبط برفضها مساعي السلام التي يقوم بها السادات مع إسرائيل.



ويسرد السكرتير الخاص لكالاهان (نيسان/ابريل 1976 إلى أيار/مايو 1979) في تقرير سري مؤرخ في 21 آذار (مارس) 1979 محضر لقاء جرى بعد ظهر ذلك اليوم في 10 داونينغ ستريت، مقر رئاسة الوزراء، بين كالاهان وخدام، بحضور الدكتور جويجاتي رئيس قسم أوروبا الغربية في الخارجية السورية ومعهما السفير السوري في لندن. حضر أيضاً السير انتوني بارسونس السفير السابق في إيران وسفير بريطانيا في دمشق (ليس واضحاً هل هو جيمس كريغ أم باتريك رايت الذي حل محله في 1979).



رحّب كالاهان في مستهل اللقاء الذي دام ساعة وربع ساعة، بضيفه السوري قائلاً إنه «يقدّر هذه المناسبة» لاجراء محادثات معه كونه يجري في العادة محادثات أكثر مع القادة الإسرائيليين والمصريين أكثر مما يجري اتصالات مع الحكومة السورية. وأقر بأن مواقف المملكة المتحدة من الأوضاع الحالية في الشرق الاوسط تختلف عن مواقف سورية، لكنه شدد على أن حكومتي البلدين عليهما القيام بجهود كي «يتفهّما بعضهما بعضاً». وامتدح رئيس الوزراء البريطاني، بحسب المحضر، «حكمة الرئيس الأسد التي أكدها كثيرون بينهم (وزير الخارجية الأميركي السابق) الدكتور (هنري) كيسنجر»، وطلب من خدام نقل تمنياته الطيبة إلى الرئيس السوري.



أما خدام فاستهل كلامه بالتذكير بأنه التقى رئيس الوزراء البريطاني قبل أربع سنوات، وقال إن الرئيس الاسد طلب منه أن ينقل إلى كالاهان تحياته ودعوة إلى زيارة سورية في اقرب فرصة تسنح له، قائلاً إن الزيارة «ستعني خطوة ايجابية في تطور العلاقات بين بريطانيا وسورية». ولاحظ كاتب المحضر أن المسؤول السوري شدد أكثر من مرة على ضرورة أن يقوم كالاهان بزيارة سورية.



كان واضحاً منذ بداية اللقاء مدى الخلاف بين الطرفين في شأن تطورات الشرق الأوسط. فسورية آنذاك كانت تقود مع دول عربية أخرى «جبهة رفض» تعارض قرار الرئيس المصري الراحل أنور السادات الدخول في مفاوضات سلام مع إسرائيل، بمعزل عن بقية العرب. قدّم خدام شرحاً مفصلاً لما تقوم بها سورية من مساع لفرض عزلة على الرئيس السادات بسبب توقيعه اتفاقات كامب ديفيد في أيلول (سبتمبر) 1978. قال إن الاتفاقات «لا تشكل خطوة إلى أمام نحو سلام عادل وشامل نتمناه جميعنا، ولكنها تشكل خطوة إلى الوراء». وزاد أن «السلام العادل يتطلب مشاركة كل الأطراف المعنية، ويجب أن يعالج كل المشاكل الأساسية في المنطقة. لكن (اتفاقات) كامب ديفيد لم تُلبّ هذه المعايير. وبدل ذلك، خلقت الاتفاقات وضعاً جديداً في المنطقة يشكل خطراً على السلام. لقد قسمت الاتفاقات صفوف العرب بينما السلام يتطلب تضامن العرب. لقد انقلب العرب على الرئيس السادات لأنه حاول أن يُعالج، من دون أن يكون مفوّضاً، مسائل هي محور اهتمام كل العرب».



وتابع خدام، بحسب ما نقل عنه المحضر البريطاني، عاقداً مقارنة بين التصرف الذي قام به الرئيس السادات في التفاوض مع إسرائيل وبين تصرف المملكة المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية عندما رفضت عقد اتفاق سلام منفصلاً مع ألمانية النازية، وكذلك مع رفض الولايات المتحدة والمملكة المتحدة التخلي عن حليفهما السوفياتي «على رغم الخلافات الايديولوجية بينهم». وتابع أن الرئيس السادات «عليه أن يعرف أن قوة مصر موجودة فقط في إطار يشمل العرب جميعاً. بدونهم، مصر دولة عديمة الأهمية. لم يكن للرئيس السادات الحق في إجراء سلام آحادي، ولا أن يتخلى عن القدس مثلما فعل». وأردف أن «الولايات المتحدة لن تستطيع ان تنجح في إيجاد دولة عربية واحدة حليفة للرئيس السادات. فاتفاقات كامب ديفيد لم تعالج القضية الأساسية، وهي قضية الفلسطينيين، كما أنها لم تنجح في إزالة أسباب التوتر في المنطقة. وأكثر من ذلك، إن الاتفاقات بفشلها في الإشارة إلى حقوق الفلسطينيين شكّلت سحقاً فعلياً لهذه الحقوق ولم تفعل سوى أنها أعادت تنظيم الاحتلال الاسرائيلي لغزة والضفة الغربية».



ولاحظ خدام في «مطالعته» أن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك «السيد (مناحيم) بيغن كان جرئياً وشجاعاً في التعبير عن الحقيقة (في خطابه) أمام الكنيست في اليوم السابق (أي قبل يوم من اللقاء مع كالاهان)، بينما كان الرئيس السادات والسيد خليل (وزير الخارجية المصري آنذاك الدكتور مصطفى خليل) يقدمان بيانات كاذبة عن معاهدة السلام. أشار السيد بيغن في شكل صحيح إلى أن الاتفاق لم يشر إلى (قيام) دولة فلسطينية، أو إلى حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، أو إلى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ولا إلى القدس».



وقال إن «اتفاقات كامب ديفيد ناقضت قرارات الأمم المتحدة، خصوصاً قرار مجلس الأمن الرقم 338 الذي يدعو إلى مؤتمر سلام تشارك فيه كل الأطراف المعنية. لكن سورية والأردن والاتحاد السوفياتي والفلسطينيين، وحتى الأمم المتحدة نفسها، تم استبعادها عن كامب ديفيد».



وزاد خدام «أن الرئيس السادات مصمم، على ما يبدو، على أن يلعب دور الشرطي في الشرق الأوسط، ووافق الأميركيون على منحه أسلحة (للقيام بهذا الدور). هذه الأسلحة ستكون وجهتها للاستخدام ضد الدول العربية والافريقية، التي ستكون مرغمة على طلب المساعدة من الاتحاد السوفياتي». وحذّر من أن السياسة الأميركية «تفتح الباب أمام تزايد النفوذ السوفياتي في الشرق الأوسط»، لافتاً إلى أن «سورية تستطيع أن تعتني باستقلاليتها، لكن الدول الأخرى لن تتمكن من المقاومة (وستلجأ إلى السوفيات)».



وقارن وزير الخارجية السوري بين دور السادات وبين دور رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين في العام 1938، وبين دور الماريشال بيتان في فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية. وقال «إن الرئيس السادات، مثل تشامبرلين، كان يتراجع، بينما بيغن، مثل هتلر، كان يتقدم. ومثل بيتان، سيفشل السادات في حماية بلده».



وعبّر خدام عن رأيه «أن اتفاقات كامب ديفيد ستفشل» قائلاً إن «الرئيس السادات سيسير في الطريق ذاته الذي سار عليه شاه إيران. العرب سيجتمعون قريباً من أجل فرض عقوبات على مصر سيكون لها تأثير كبير على هذه الدولة. إن العرب ممتنون للسيد بيغن الذي ساعد خطابه الأخير أمام الكنيست قضيتهم إذ كشف البيانات غير الصحيحة التي يدلي بها السيد فانس (وزير الخارجية الأميركي سايروس فانس) والسادات والتي تفيد أن معاهدة السلام ستؤدي إلى تحقيق حقوق الفلسطينيين». وشدد على «أن الهدف الدائم لسورية هو تحقيق السلام: اعتراضها على اتفاقات كامب ديفيد لأنها تعرّض السلام للخطر».



الرد البريطاني



شكر كالاهان خدام على بيانه «القوي» دفاعاً عن موقف سورية الرافض لخطوة الرئيس السادات، وأقر بأن سورية «تلتزم السلام» فعلاً. لكنه قال إنه «ليس متأكداً» كيف ترى سورية أن مساعي السلام يمكن أن تتقدم. وزاد: «هناك ما يكفي من المشاكل في المنطقة: التنامي الإسلامي، الصدام في إيران بين الأفكار الإسلامية والغربية، ومعاودة الأكراد نشاطهم، والمشاكل التي تعاني منها تركيا، الاضطراب في أفغانستان، والصعوبات التي يواجهها النظام في باكستان. كل هذه مصادر لعدم الاستقرار». وتابع كالاهان أنه «في ظل هذه الخلفية» من الاضطرابات في المنطقة فإنه يأخذ «وجهة نظر مغايرة لموقف السيد خدام من اتفاقات كامب ديفيد». وقال إنه يُقر بكل المشاكل التي لفت خدام الاهتمام اليها و «لكن معاهدة السلام (المصرية - الإسرائيلية) يمكن أن تكون خطوة نحو تسوية المشكلة المستمرة منذ 30 سنة». ولفت إلى أن «موقف الفلسطينيين بات اليوم يلقى تفهماً أكبر في الغرب مما كان عليه في السابق، وإسرائيل، في غضون ذلك، لم تعد تحظى بالدعم الكامل غير المشروط الذي كانت تتمتع به منذ عشر سنوات - إن التقويم الغربي لوجهة النظر الاسرائيلية بات أكثر واقعية الآن». وقال رئيس الوزراء البريطاني أيضاً إنه «لا يشارك السيد خدام في وجهة نظره أن حقوق الفلسطينيين يُمكن أن تُسحق أو يتم تجاهلها»، وأعرب عن أسفه «لانقسام الصفوف العربية» لكنه قال إنه «لا يرى طريقاً أفضل من اتفاقات كامب ديفيد للتقدم إلى الأمام». وأكد أن بريطانيا «ستحاول كل ما في وسعها من أجل جعل الاتفاقات (المصرية - الإسرائيلية) منصّة انطلاق نحو تسوية شاملة في الشرق الاوسط - إن الاتفاقات ليست غاية في حد ذاتها، بل هي بداية للإنطلاق». وشدد على «أن بريطانيا ستسعى إلى ذلك من دون أن تؤدي إلى الحاق الأذى بعلاقات بريطانيا بسورية»، وعلى أن بريطانيا «ستقوم بكل ما في وسعها من أجل تضييق الهوّة لا توسيعها بين الدول العربية». وقال إن بلاده «مؤمنة بأن هناك فرصة يجب عدم تفويتها».



لكن خدام ردّ مكرراً كثيراً من النقاط التي أثارها سابقاً في مداخلته، وشدد على أن إسرائيل «لن يُسمح لها أبداً بالاستفادة من عدوانها مهما كانت التضحيات ومهما لحق بالعرب من أذى». وقال إن تحسين علاقات سورية مع العراق «سيعوّض عن انفصال مصر عن القضية العربية»، في إشارة إلى مساعي التقارب آنذاك بين نظامي «البعث» في سورية والعراق بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد والرئيس الراحل أحمد حسن البكر. وتابع خدام مشيراً إلى أن الفلسطينيين ينقسون إلى أربع مجموعات: مجموعة لاجئي 1948، واللاجئين المعترف بهم من الأونروا، ولاجئي ما بعد حرب 1967، والفلسطينيين الذين يعيشون في غزة والضفة الغربية. وقال إن «اتفاقات كامب ديفيد لم تضمن حقوق أي من هذه المجموعات».



وسأل رئيس الوزراء البريطاني خدام عما إذا كان هناك «أي تطور في موقف منظمة التحرير الفلسطينية من إسرائيل»، فأجاب وزير الخارجية السوري بأن «منظمة التحرير تطالب بتنفيذ قرارات الامم المتحدة». وقال: «هم (الفلسطينيون) لا ينكرون حق إسرائيل في الوجود، ولكن من الخطأ توقع أن يكون ضحية العدوان أول من يُقر بالمعتدي عليه». وتابع قائلاً «إن شبح آية الله الخميني سيهيمن على الشرق الأوسط: فحتى ملك المغرب (الملك الراحل الحسن الثاني) لم يجرؤ على دعم اتفاقات كامب ديفيد، وليست هناك دولة عربية (واحدة) قدّمت دعمها لمصر (في خطوة السلام مع إسرائيل)». وبعدما أشار إلى التعليق الذي أدلى به رئيس الوزراء البريطاني عن إيران، قال خدام «إن الصحوة الإسلامية تطور ايجابي من وجهة نظر سورية. فإيران أصبحت الآن دولة مواجهة، متحالفة مع العرب ضد إسرائيل». وقال أيضاً إن سورية «ليست قلقة» من معاودة الأكراد تحركاتهم.



علاقات بريطانيا والعراق



وكان لافتاً أن بريطانيا سعت خلال اللقاء مع خدام إلى وساطة سورية في التقريب بين لندن وبغداد، إذ كان نظام الرئيس الراحل الأسد يتقارب آنذاك مع نظام البكر في بغداد. إذ أبلغ رئيس الوزراء البريطاني خدام بأن بلاده «تتمنى ان تُحسّن علاقاتها مع العراق، الدولة التي ارتبطت بريطانيا معها بعلاقات تقليدية طويلة. وسيكون أمراً مساعداً إذا ساعدت سورية، من خلال نفوذها، في تحقيق ذلك». رد خدام، بحسب ما ينقل عنه المحضر، بإبلاغ رئيس الوزراء البريطاني انه سيذهب إلى بغداد في 27 آذار (مارس) و»سيمكنه أن يتحدث إلى القادة العراقيين في هذا الشأن»، لافتاً إلى أن سورية تحبّذ تطوير علاقات التعاون بين الدول العربية وبريطانيا وبقية الدول الأوروبية. وليس واضحاً ما إذا كان خدام أثار فعلاً الطلب البريطاني خلال زيارته لبغداد والتي جاءت بعد يوم من توقيع مصر وإسرائيل معاهدة سلام (26 آذار/مارس 1979). لكن كما هو معروف لم يدم التقارب السوري - العراقي طويلاً، إذ «تنحى» البكر - أو أُرغم على ذلك - في 16 تموز (يوليو) 1979 وتولى السلطة نائبه صدام حسين الذي تدهورت علاقات العراق مع سورية في عهده تدهوراً كبيراً.



الخليج



ويوضح المحضر البريطاني أن رئيس الوزراء كالاهان «سأل السيد خدام عن آرائه في شأن الاستقرار في الخليج»، فأجاب خدام بأن سياسة سورية هي تدعيم الاستقرار في منطقة الخليج لأن سورية «تعتبر عدم الاستقرار مناقضاً لمصالحها». وتابع: «ولأنها تعارض استخدام القوة في الخلافات بين الدول العربية، فإن الحكومة السورية مارست ضغوطاً على حكومة جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي) لإنهاء العداء مع شمال اليمن. ولولا تدخل سورية لكان انتهى النظام في شمال اليمن ولكان الخليج أمام يمن موحد تعداد سكانه عشرة ملايين نسمة. وهذا الأمر يمكن أن يجر عدم استقرار أكبر في شبه الجزيرة العربية». وتابع خدام قائلاً إن «استقرار دول الخليج مرتبط بموقفها من اتفاقات كامب ديفيد. في الوقت الحالي، وقفت السعودية والكويت والإمارات مع سورية في رفض الاتفاقات، وفي حال غيّرت سياستها هذه فإن سورية لن تأخذ موقفاً يصب في مصلحتها، وهذا أمر يمكن أن يؤدي إلى عدم الاستقرار». وفي رده على سؤال لرئيس الوزراء البريطاني عن الوضع الداخلي في سلطنة عُمان، قال خدام «إن العلاقات بين سورية وسلطان عمان (قابوس بن سعيد) ليست جيدة، ولكن سورية على رغم ذلك امتنعت عن تشجيع المعارضة ضد السلطان (قابوس) لأنها لا ترغب في التسبب بقلق لدى السعوديين». واقترح خدام «أن تشجّع بريطانيا الإصلاح الداخلي في عُمان، وتحسين علاقاتها مع جيرانها، خصوصاً الإمارات».



لبنان



وسأل كالاهان في ختام اللقاء خدام عن سياسة سورية في لبنان، فقال وزير الخارجية السورية «إن سورية تهدف إلى تجنّب معاودة اندلاع القتال في لبنان ومساعدة اللبنانيين على الوقوف على أقدامهم كدولة سيدة ومستقلة». وتابع «ان سورية تتحمل تضحيات جساماً لهذه الغاية، بما في ذلك نشر 40 ألفاً من قواتها في لبنان. سورية لا يمكنها تحمل هذا العبء إلى الأبد. لكن اللبنانيين يتحركون ببطء شديد في إعادة بناء جيشهم الوطني». وقال إن سورية «قد تكون مضطرة إلى إعادة النظر في عديد قواتها في لبنان، لكن مغادرة القوات السورية ستؤدي إلى معاودة اندلاع الحرب الأهلية».



اختتم اللقاء بأن شكر رئيس الوزراء البريطاني خدام على الدعوة التي وجهها إليه الرئيس الأسد لزيارة سورية، وقال إنه سيلبي الدعوة في الوقت الملائم».


UK papers detail talks with the PLO in 1979 (weapons to the IRA)



Below is a story based on UK official papers released last week at the National Archives in Kew - the story talks about a not so well known 'diplomatic problem' between the the UK government and the PLO (it relates to weapons shipments to the IRA in the 1970s):
camille tawil

أزمة بين لندن ومنظمة التحرير بعد اعتقال مسؤول في «فتح» بتهمة تهريب أسلحة إلى متمردي إيرلندا
الأحد, 03 يناير 2010

لندن - كميل الطويل

لم يذكر كثيرون على الأرجح إسم «المسؤول» في منظمة التحرير الفلسطينية مسعود الغندور الذي كان في العام 1979 محور «أزمة ديبلوماسية» بين لندن وقيادة المنظمة في بيروت. فقد كانت لجهاز الأمن «أم آي 5» (الاستخبارات الداخلية البريطانية) معلومات عن تورطه في تهريب أسلحة إلى متمردي «الجيش الجمهوري الإيرلندي» (آي آر أي)، فأوقفه في لندن ثم طرد منها. لكن ذلك أثار احتجاجاً شديداً من المنظمة في معقلها في بيروت وأصرّت على أن تعرف سبب هذا التصرف مع أحد مسؤوليها الذي كان «في مهمة رسمية»، لكن الاستخبارات لم تشأ أن تكشف ما تعرفه عنه لأنه يمكن أن يؤدي إلى فضح مصدر معلوماتها عن النشاطات السرية التي تقوم بها منظمة التحرير.



وتكشف الوثائق السرية البريطانية التي رُفعت عنها السرية بعد مرور 30 سنة عليها والتي عُرضت في مقر الأرشيف الوطني في ضاحية كيو، غرب لندن، جانباً من الاتصالات الحثيثة التي جرت في داخل أروقة الحكومة البريطانية المحافظة برئاسة مارغريت ثاتشر في شأن ما يمكن كشفه للمنظمة عن سبب توقيف الغندور، وضرورة إفهام زعيمها الراحل ياسر عرفات أن علاقة المنظمة بالمتمردين الإيرلنديين لا تخدم مساعي الفلسطينيين لتحسين علاقتهم بلندن. وتكشف الوثائق أيضاً أن عرفات نفسه أرسل تعهداً شخصياً إلى البريطانيين بقطع أي علاقة بين المنظمة و»الجيش الجمهوري الإيرلندي».



الوثيقة الأولى



تتناول الوثيقة الأولى التي رُفعت عنها السرّية سؤالاً وجّهه النائب العمالي غرافيل جينور (عضو مجلس العموم من 1970 إلى 1997، ورئيس المجلس التمثيلي للنواب اليهود البريطانيين بين 1978 و1984)، إلى وزير الدولة (المكلف الشؤون الأوروبية) في وزارة الخارجية آنذاك دوغلاس هيرد في 5 كانون الأول (ديسمبر) 1979 يسأل فيه عن قضية الغندور والعلاقات المزعومة بين منظمة التحرير والمتمردين الإيرلنديين الذين كانوا آنذاك يشنون حرب عصابات دامية لإخراج البريطانيين من شمال الجزيرة الإيرلندية. وبما أن جينور وجّه سؤاله بوصفه نائباً في مجلس العموم، فقد كان على الوزير مسؤولية الرد على استفساره، آخذاً في الاعتبار ضرورة عدم كشف كثير من التفاصيل التي لا تريد أجهزة الاستخبارات إخراجها إلى العلن. كما كان على الوزير أيضاً الرد على تصريحات لممثل منظمة التحرير في لندن نبيل الرملاوي (عضو المجلس الوطني الفلسطيني وعضو المجلس الثوري لحركة فتح والذي شغل لفترة منصب عميد السلك الديبلوماسي العربي في لندن) الذي تحدث عن ملابسات اعتقال الغندور.



وكتب جي. أم. كروسبي، المسؤول في دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية، بتاريخ في 18 كانون الأول (ديسمبر) 1979 يقول إن السيد غرافيل جينور «كيو سي» (أي أنه محامي مرافعات، إضافة إلى كونه نائباً) كتب إلى هيرد في 5 من ذلك الشهر يسأله عن العلاقات بين منظمة التحرير و «الجيش الجمهوري»، وأن ملخّص رد وزير الدولة للخارجية عليه في مجلس العموم يتضمن الآتي:



«في البداية أكد (وزير الخارجية) اعتقال السيد الغندور لفترة وجيزة في بريطانيا قبل أسابيع بموجب قانون مكافحة الإرهاب. لكنه قال إنه لا يمكنه تقديم مزيد من التفاصيل.



ثانياً، إنه (الوزير) على اطلاع على بيان السيد الرملاوي، ويفسّر كلامه على أنه يعني أنه إذا كانت هناك روابط جرت بين فلسطينيين ومجموعات إيرلندية فإن ذلك يخالف السياسة الرسمية لمنظمة التحرير، الآن كما في السابق.



ثالثاً، ليس لديه (الوزير) أي سبب للاعتقاد أن هناك أي حقيقة لمزاعم «الدايلي تلغراف» عن أن «الجيش الجمهوري الإيرلندي» أعاد هيكلة نفسه بناء على اقتراح منظمة التحرير، أو أن منظمة التحرير مُشاركة مع «الجيش الجمهوري» في هذا المجال (إعادة الهيكلة)».



وتابع أن الوزير قال: «في موضوع السؤال العام عن الروابط (بين المنظمة والمتمردين الإيرلنديين)، لقد قلنا علناً إن هناك أدلة على أن بعض العناصر المرتبطة بمنظمة التحرير (كان) لديها روابط مع الجيش الجمهوري الإيرلندي في الماضي، وهذا أمر سبّب لنا مصدر قلق كبير. لقد تلقينا تأكيداً مُرحّباً به من قيادة منظمة التحرير أن أي روابط، مثل تلك، قد تم قطعها ولن تُعاود في المستقبل. سنراقب ذلك عن كثب …



إن الفلسطينيين المتورطين في مذبحة اللد الرهيبة (في إشارة إلى الهجوم الذي وقع العام 1972 على مطار اللد في تل أبيب - مطار بن غوريون اليوم، وأوقع 26 قتيلاً و80 جريحاً) كانوا من تنظيم في داخل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - مجموعة «العمليات الخارجية» (بقيادة وديع حداد الذي استخدم في هجوم اللد عناصر يابانية) - يعملون خارج إطار تجمع منظمة التحرير. إنني لا اسعى (بذلك) إلى تبرير الإرهاب الفلسطيني، الذين ندينه بلا تحفظ، لكن يجب أن نكون حذرين في استخلاص نتائج لا تدعمها الأدلة».



وكانت رسالة غرافيل إلى هيرد في 5 كانون الأول (ديسمبر) أشارت إلى قضية اعتقال الفلسطيني الغندور، ولفتت إلى أنه عُثر معه على لائحة بأرقام اشخاص من «الجيش الجمهوري»، من دون أن تسمّي من هم هؤلاء (مسؤول الاتصال الأساسي آنذاك بين المتمردين الإيرلنديين والمنظمات العربية كان برايان كينان الذي كان يتكلم العربية وأقام لفترات في ليبيا ولبنان وتوفي في العام 2008). وسألت رسالة غرافيل أيضاً عن كلام ممثل المنظمة في لندن نبيل الرملاوي الذي كان نفى في بيان بتاريخ 28 تشرين الثاني (نوفمبر) ارتباط المنظمة بـ «الجيش الجمهوري» وقال إن منظمة التحرير «كأي حكومة أخرى» ليس لها القدرة على ضبط تصرفات «جميع مواطنيها». ثم سألت رسالة النائب العمالي عن مزاعم أوردتها «الدايلي تلغراف» عن المنظمة ونصيحتها المزعومة لـ «الجيش الجمهوري» بإعادة هيكلة صفوفه، وهو الأمر الذي نفاه هيرد في رده.



تأييد للفلسطينيين



وفي مقابل أسئلة النائب اليهودي غرافيل عن علاقة المنظمة بـ «الجيش الجمهوري»، كتب النائب ديفيد ايتكينز، الذي كان آنذاك أحد نواب رئيس مجلس التفاهم العربي - البريطاني (كابو)، إلى الوزير هيرد في 21 تشرين الثانب (نوفمبر) يحذّره من خطورة أن تتجاهل بريطانيا تعزيز اتصالاتها بمنظمة التحرير في وقت تفتح بقية الدول الأوروبية خطوط اتصال معها. وقال إيتكنز لهيرد، بحسب ما اشارت وثيقة المسؤول في وزارة الخارجية «تومكينس»، «إننا في خطر أن نُترك في الخلف وراء بقية أوروبا في شأن التعامل من منظمة التحرير ... إن إرهاب عناصر تعمل تحت مظلة منظمة التحرير يجب أن لا يمنعنا من أن تكون لدينا اتصالات أكبر معها (المنظمة)». وأثار إيتكنز موضوع تصريحات أدلى بها هيرد في بيروت عن «روابط» بين المنظمة و «الجيش الجمهوري»، في إشارة إلى أن ذلك لا يساعد في تحسين العلاقات مع المنظمة.



ورد هيرد على رسالة إيتكنز بتاريخ 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1979 وقال إنه يرفض قوله إن بريطانيا «ستكون معزولة عن بقية اوروبا في شأن الموقف من منظمة التحرير». وشدد على موقف بريطانيا القاضي بدعوة منظمة التحرير إلى قبول تسوية سلمية تعتمد على قراري مجلس الأمن 242 و338 وتحقيق «الحقوق المشروعة» للفلسطينيين. وتابع «إننا لم نمنحهم (المنظمة) صفة الممثل الوحيد للفلسطينيين، لكننا أقرينا بأهمية موقعهم».



وقال إنه «يجب عدم اعطاء أهمية اكبر من اللازم» لمسألة اي من الوزراء الأوروبيين يوافق على لقاء المسؤول في المنظمة فاروق القدومي ومن لا يوافق على ذلك، في إشارة إلى لقاءات أوروبية مع هذا المسؤول الفلسطيني لم تجارها الحكومة البريطانية.



وقال هيرد أيضاً انه بالفعل «من غير الممكن توقع أن تسيطر المنظمة على كل تصرفات الفلسطينيين الذين يدّعون ولاءهم للمنظمة». لكنه اضاف «يجب أن لا يكون من غير المعقول (أيضاً) توقع أن تضبط المنظمة تصرفات مجموعاتها الأساسية». ثم ميّز بين أعمال الإرهاب التي تستهدف المدنيين وتنفذ داخل اسرائيل والأراضي المحتلة وتعلن المنظمة رسميا مسؤوليتها عنها، وبين أعمال «الإرهاب العالمي» الذي نأت المنظمة بنفسها عنه. وقال: «نحن ندين الأمرين، مثلما ندين الهجمات الإسرائيلية على أهداف في جنوب لبنان ...».



ثم رد هيرد على إشارة النائب إيتكنز إلى التصريحات التي أدلى بها في بيروت. وقال «إن نيتي لم تكن تشويه سمعة منظمة التحرير بل شرح مدى تأثير قيام علاقات بين المنظمة والجيش الجمهوري»، مضيفاً أن هناك «أدلة» على علاقة حصلت «في الماضي» بين الطرفين لكنه لا يستطيع شرح تفاصيلها الآن. ولفت إلى أن المنظمة وعدت بأن هذه الاتصالات «قُطعت ولن تُعاود».



«أدلة» على علاقة «فتح» بـ «الجيش الجمهوري»



وجاءت هذه التطورات في وقت وجّه وزير الخارجية اللورد كارينغتون رسالة سرية إلى السفارة في بيروت يًبلغها فيها بتوجيهات حكومته في شأن العلاقات المزعومة بين منظمة التحرير والمتمردين الإيرلنديين. وقال كارينغتون في الرسالة المعنونة «سري» والمؤرخة في 19 تشرين الأول (اكتوبر) 1979:



«روابط منظمة التحرير - الجيش الجمهوري



1- هناك أدلة غير مفصّلة (سكتشي) عن علاقات بين عناصر في منظمة التحرير ومجموعات إيرلندية ارهابية، لكنها لا تدعم المزاعم الواردة في الصحف (في إشارة إلى تقرير في صحيفة «صنداي ميرور» بتاريخ 7 تشرين الأول/أكتوبر 1979 بعنوان «قتلة عرب يدرّبون الجيش الجمهوري»). غير أن هناك صلات بالتأكيد (بين الطرفين).



2- تورطت عناصر من «فتح» في شحنة أسلحة الى الجيش الجمهوري من الشرق الأوسط في العام 1977. وهناك ما يدعو أيضاً إلى الاعتقاد أن اتصالات بين جناح أبو جهاد (خليل الوزير) في «فتح» والجيش الجمهوري استمرت حتى فترة وجيزة مضت. لذلك، فإن التمييز بين الجسم الأساسي من منظمة التحرير وبين اتصالات اخرى من عناصر في المنظمة بـ «الجيش الجمهوري» ليس تمييزاً واضحاً جداً. تفاصيل أخرى لمعلوماتك مرفقة بالحقيبة (الديبلوماسية).



3- يمكنك أن تقول من دون أن تنسب إلينا الكلام، إذا سُئلت، إن لدينا ما يدعو إلى الاعتقاد بأنه كانت هناك علاقات بين الحركة الفلسطينية وإرهابيين ايرلنديين في الماضي، وإن ذلك سبب لنا قلقاً كبيراً ...



4- بعد الاعتقال الذي حصل في لندن في أيلول (سبتمبر) لشخص معروف بأنه تورط في شحنة أسلحة العام 1977 (للجيش الجمهوري)، تلقينا تأكيدات من منظمة التحرير في بيروت أن كل الاتصالات قد قُطعت مع الجيش الجمهوري وان منظمات الرفض (الفلسطينية) تم جلبها إلى هذا الصف أيضاً». ولفت كارينغتون في رسالته السرية إلى تصريحات أدلى بها عرفات، في مقابلة مع الإعلامية الأميركية المشهورة باربرة ولترز، وتصريحات ممثل المنظمة في لندن الرملاوي (في رسالة بعث بها إلى صحيفة «الغارديان»).



وجاءت رسالة كارينغتون في وقت كشف المسؤول في وزارة الخارجية دبيلو آر تومكيس في تقرير سري أن السفارة في بيروت تلقت رسالة «وافق عليها عرفات» تؤكد قطع علاقات المنظمة بـ «الجيش الجمهوري». وقال المسؤول في تقريره المؤرخ في 15 تشرين الأول (اكتوبر) 1979:



«علاقة المنظمة بالجيش الجمهوري



* في 7 أيلول (سبتمبر) اعتقلت الشرطة السيد مسعود الغندور عضو (حركة) «فتح» المعروف بأنه تورط في إرسال شحنة أسلحة إلى الجيش الجمهوري من قبرص واعترضتها السلطات في 1977، والمعروف بأنه كان على صلة بالجيش الجمهوري حتى الفترة الأخيرة. لقد تم توقيفه واستجوابه لمدة اسبوع قبل ترحيله في 14 أيلول. اشتكت الدائرة السياسية في المنظمة (وهي بمثابة وزارة الخارجية) للسفارة في بيروت عن اعتقاله وطلبت معرفة الأسباب. صدرت تعليمات للسفارة في بيروت أن تقول إن اعتقاله لا يستهدف منظمة التحرير بوصفها المنظمة، وإن الغندور اعتُقل بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي تم سنّه للتعامل مع الإرهاب الإيرلندي، وإن الإتصالات بين منظمة التحرير والجيش الجمهوري لا تتوافق مع تحسين العلاقات بين المنظمة وبريطانيا. لقد كان جهاز الأمن (أم آي 5) قلقاً من إمكان كشف تفاصيل شُبهتنا في شأن الغندور وضرورة أن لا تُكشف لمنظمة التحرير خشية فضح مصادرهم (الاستخبارات).



* أبلغتنا بيروت (السفارة) أن تأكيدات وافق عليها عرفات وتسلّموها في 4 تشرين الأول (اكتوبر) ومفادها أن منظمة التحرير لم تقطع فقط كل الاتصالات السابقة بـ «الجيش الجمهوري»، بل جلبت أيضاً إلى هذا الموقف منظمات الرفض. أقرّت المنظمة بأن ليس في مصلحتها أن ترتبط بتنظيم ليس هناك من رابط أيديولوجي معه في الوقت الذي تحاول فيه المنظمة الخروج من العمل الثوري السري إلى المرحلة التي يتم الاعتراف بها كحركة سياسية».



«رسالة ديبلوماسية»



وكانت دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية (ميناد) تلقت بتاريخ 25 تشرين الأول (اكتوبر) 1979 تقريراً سرياً من شخص يدعى «موور» (أحد مسؤولي السفارة في بيروت، على ما يبدو) يشرح فيه قضية «رسالة ديبلوماسية» من المنظمة تحتج فيها على توقيف الغندور وتطلب تفسيراً للأسباب. وجاء في الرسالة:



«عن توقيف مسعود الغندور



1- في 24 أيلول (سبتمبر) تلقت سفارتنا رسالة مؤرخة بتاريخ 22 أيلول (سبتمبر) من الدائرة السياسية في منظمة التحرير مُرسلة على شكل «مراسلة ديبلوماسية». الرسالة مع ترجمتها في الحقيبة الديبلوماسية المقبلة (التي ستُرسل إلى لندن). لم يتم الإقرار بتلقي هذه الرسالة بالطبع.



2- تُعبّر منظمة التحرير (الدائرة السياسية) عن قلقها البالغ لطريقة المعاملة السيئة التي تعرض لها أحد مواطنيها عندما اعتُقل في الشارع بعد ساعات من وصوله إلى مطار هيثرو في 7 ايلول (سبتمبر) آتياً من جامايكا حيث كان في جولة رسمية في دول أميركا اللاتينية. دخل بريطانيا في شكل شرعي بجواز جزائري، لكنه على رغم ذلك أوقف لمدة أسبوع في الحجز الإنفرادي. لم يتم ابلاغ مكتب منظمة التحرير (في لندن) سوى في 10 أيلول (سبتمبر). تم أخذ بصماته واستجوابه بخصوص شؤون داخلية لمنظمة التحرير. رُحّل في 14 أيلول (سبتمبر). تريد منظمة التحرير التي تنظر إلى هذا الموضوع بقلق، أن تعرف الأسباب التي حتمت هذا التصرف من السلطات البريطانية، في وقت تسعى المنظمة وما زالت تسعى إلى تحسين العلاقات مع حكومة المملكة المتحدة.



3- من جهتنا، (نرى أن) هناك طريقتين للتعامل مع هذا الموضوع:



أ – أن نتجاهله.



ب – أن نشرح لشخص ملائم من منظمة التحرير حقيقة الأمر في شكل غير رسمي وبطريقة شفوية.



من أجل الحفاظ على سلامة الزائرين البريطانيين لبيروت في المستقبل، وأمن السفارة، ومن أجل الاتصالات غير الرسمية التي لدينا مع منظمة التحرير، إنني اقترح الخيار الثاني، لكنني أُقدّر بأن هناك أسباباً ربما تدفع إلى غير ذلك. مهما كان ردكم، فإننا سنُسأل عن هذا الموضوع.



إلى ميناد (دائرة الشرق الأوسط) وموبرلي (المسؤول عن الدائرة)».



وردّ وزير الخارجية اللورد كارينغتون في 28 أيلول (سبتمبر) برسالة سرية إلى السفارة في بيروت أعطى فيها تعليماته في طريقة الرد على استفسار المنظمة. وقال:



«خاص إلى بيروت



في 28 أيلول (سبتمبر)



من اللورد كارينغتون



عن اعتقال مسعود الغندور



1- نوافق على أنه يجب أن تُبلّغ منظمة التحرير في شكل غير رسمي وشفوي.



أ – إن اعتقال الغندور ليس موجّهاً مباشرة إلى منظمة التحرير وليس تحركاً سياسياً (ضدها).



ب- إعتُقل الغندور من قبل الشرطة (وليس جهاز الأمن) بموجب قانون مكافحة الإرهاب، الذي تم سنّه للتعاطي مع الإرهاب الإيرلندي.



ج - إن الاتصالات بين منطمة التحرير والجيش الجمهوري الإيرلندي لا تتوافق مع تحسين العلاقات بين منظمة التحرير والمملكة المتحدة. يجب أن تُشدد (المسؤول في السفارة) على هذه النقطة».



غداً حلقة أخيرة


UK AND THE SHAH OF IRAN - 1979


Below is a story based of National Archives paper in Kew on the late Shah of Iran and his attempt to settle in the UK in 1979
Camille Tawil

بريطانيا فضّلت مصلحتها القومية على استضافة حليفها السابق شاه إيران


الإثنين, 04 يناير 2010

لندن - كميل الطويل
تروي وثائق رسمية بريطانية رُفعت عنها السرية أخيراً تفاصيل خطة حاكتها وزارة الخارجية البريطانية في العام 1979 لإقناع شاه إيران المخلوع محمد رضا بهلوي بعدم اللجوء إلى بريطانيا. وتكشف الوثائق أن الحكومة المحافظة بقيادة مارغريت ثاتشر التي وصلت إلى السلطة في أيار (مايو) من ذلك العام إثر هزيمة حكومة العماليين بقيادة جيمس كالاهان، قررت إرسال موفد سري للقاه الشاه في مقر إقامته آنذاك في جزر الباهاماس وإقناعه بالبقاء هناك و «عدم إحراج» المملكة المتحدة بالمجيء للإقامة فيها.



وتُسلّط تلك الوثائق الضوء على طريقة أخذ الحكومة البريطانية آنذاك قراراً صعباً كالقرار الذي اتخذته في حق الشاه والذي تطلب تقديم أولوية «المصلحة القومية» للبلد على التعامل بشرف مع شخص كان حتى فترة قصيرة مضت من أشد الحلفاء الإقليميين للحكومات المتعاقبة في لندن. وقررت بريطانيا في نهاية المطاف أن مصلحتها تقضي بعدم توتير العلاقة مع الحكم الإسلامي الجديد في طهران بقيادة آية الله الخميني، وطلبت من حليفها المخلوع عدم المجيء للإقامة على أراضيها.



وفي ما يأتي ملخّص لبعض الوثائق المتعلقة بالشاه الراحل الذي كان آنذاك مريضاً بالسرطان ويفتش عن بلد يقبل استضافته من دون أن يخشى غضب النظام الإيراني الجديد. ولم يجرؤ على مثل هذه الخطوة آنذاك سوى الرئيس المصري الراحل أنور السادات.



تظهر الإشارة الأولى إلى رغبة الشاه بالمجيء للإقامة في بريطانيا في رسالة «تلغرام» مؤرخة في 22 نيسان (أبريل) 1979 وموّجهة إلى الدكتور ديفيد أوين وزير الخارجية في حكومة حزب العمال برئاسة جيمس كالاهان. تفيد هذه الوثيقة السرية وزير الخارجية بأن «عضواً في حاشية الشاه» - الذي كان غادر بلاده للمرة الأخيرة في 16 كانون الثاني (يناير) 1979 قبل عودة الخميني إلى طهران في 1 شباط (فبراير) - بعث برسالة تستوضح إمكان مجيئه إلى بريطانيا «بعدما أبلغته أميركا رسمياً بأنها لن تستطيع المحافظة على وعدها له بمنحه ملجأ». ولا تسمي الوثيقة من هو هذا الشخص في حاشية الشاه الذي قدّم طلب الاستفسار، علماً أن الزعيم الإيراني المخلوع كان يملك آنذاك مزرعة كبيرة قرب غودالمينغ في مقاطعة ساري جنوب غربي لندن.



وتلفت الرسالة الموجّهة إلى الدكتور أوين إلى أن العضو في حاشية الشاه ذكّر في «رسالته الخاصة» بأن بريطانيا قد تقبل استضافة الشاه كما فعلت في الماضي القريب عندما وافقت على «استقبال آلاف الماركسيين من تشيلي والأرجنتين»، في إشارة إلى المعارضين اليساريين الذين كانوا يعانون آنذاك الإضطهاد على يد الحكومات العسكرية اليمينية في أميركا الجنوبية. وتشير وثيقة أخرى إلى أن صحافياً يعمل في شكل مستقل (فري لانسر) هو من فاتح البريطانيين بإمكان استضافة الشاه وأفراد أسرته.



وعندما نُقل هذا الطلب إلى رئيس الحكومة كالاهان، كتب بخط يده على مذكرة داخلية: «أكره لأسباب إنسانية أن أردّ طلب الشاه - لكنه شخصية مثيرة جداً للجدل في إيران وعلينا أن نفكّر في مستقبل (علاقتنا) مع هذا البلد». وسأل كالاهان مسؤولي حكومته: «هل يمكن أن ننتظر لنرى كيف ستستقر الحكومة الجديدة (في طهران) ثم نتقدّم منهم لمعرفة رد فعلهم». وتابع أن على الشاه في الوقت الحالي اللجوء إلى «ترتيبات موقتة» قبل أن يبت موضوع مكان إقامته.



وتُظهر وثيقة أخرى رُفعت عنها السرية أن الدكتور أوين كان لديه تحفّظ مماثل على استضافة الشاه. إذ تقول الوثيقة: «لا يرى الدكتور أوين أن هناك مبرراً لتعريض حياة البريطانيين في إيران للخطر، ولذلك يعتقد أن علينا أن نواصل عدم تشجيع الشاه (على المجيء للإقامة في بريطانيا). إذا تم تقديم طلب رسمي أو إذا أعلن الشاه أنه سيأتي (إلى بريطانيا)، فسنواجه إذ ذاك قراراً أكثر صعوبة سيؤثر في قضايا أساسية في مجال الحريات العامة».



وتوضح وثيقة أخرى مدى حساسية موضوع الشاه آنذاك في العلاقات بين لندن والحكم الجديد في طهران. إذ تفيد وثيقة سرية أن «سفارة الجمهورية الإسلامية» في لندن قدّمت احتجاجاً إلى وزارة الخارجية البريطانية على طريقة استقبال إيرانيين في «قاعة كبار الضيوف» (في آي بي) في مطار هيثرو يوم 15 نيسان (أبريل). وتسمّي الوثيقة هذين الشخصين على أنهما عضوان سابقان في العائلة الملكية الحاكمة هما شاهرام بهلوي وزوجته، وكانا في طريقهما من لندن إلى جزر سيشل. وجادلت السفارة الإيرانية بأن استقبال الشخصيات الإيرانية المهمة في قاعات الضيوف في الخارج مسألة تتم بالتنسيق مع وزارة خارجية «الجمهورية الإسلامية» التي يحق لها أن تحدد من يتمتع بصفة تتيح معاملته في شكل مميّز.



وتتناول مراسلة أخرى منفصلة من الحكومة البريطانية ومرتبطة بالمراسلة السابقة موضوع من يحق له من أفراد أسرة الشاه أن يُستقبل في قاعات الـ «في آي بي» في مطار هيثرو. وتشير تحديداً إلى إخوة الشاه وأخواته، وتسمّي من بينهم الأمير عبدالرضا والأمير محمود رضا. كما تشير وثيقة أخرى إلى الأميرات أشرف وشمس وفاطمة.



حكومة ثاتشر



ومع وصول المحافظين إلى السلطة، بدا أن الشاه الراحل كان يعوّل على أن تأخذ حكومة مارغريت ثاتشر موقفاً أكثر ليونة من حكومة العمال إزاء موضوع لجوئه إلى بريطانيا. ولم يكن الشاه، كما هو واضح، بعيداً جداً عن طريقة تفكير ثاتشر التي عبّرت عن رأيها بضرورة استقبال الزعيم المخلوع من منطلق إنساني، قبل أن تُضطر إلى تغيير رأيها وانتهاج موقف يأخذ في الاعتبار الواقع على الأرض و «المصالح القومية» لبريطانيا.



ففي 16 أيار (مايو) 1979، نفى وزير الخارجية الجديد اللورد كارينغتون، في مذكرة داخلية، خبراً أوردته صحيفة «ديلي إكسبرس» بتاريخ 11 أيار (مايو) ومفاده أن الشاه يعلّق أمالاً كبيرة على حكومة المحافظين الجديدة. ودحض كارينغتون أيضاً ما أورده تقرير الصحيفة عن «اتصالات سرية» جرت مع الحكومة الجديدة بقيادة ثاتشر و «تتعلق برغبة الشاه في الاستقرار في بريطانيا». ولفتت الصحيفة إلى أنه في حين تم رفض هذا الاحتمال من قبل طاقم جيمس كالاهان، فإن «المتوقع أن تأخذ ثاتشر موقفاً مغايراً». ويورد التقرير أيضاً إسم أحد الذين يعملون على إقناع الحكومة باستضافة الشاه وهو السير شهبور ريبورتر الذي منحته الملكة إليزابيث لقب فارس، علماً أنه كان وسيطاً في صفقة تسلّح إيرانية من بريطانيا بقيمة 800 مليون جنيه استرليني.



لكن على رغم نفي كارينغتون، إلا أن الوثائق تُظهر بما لا يقبل الشك أن ثاتشر كانت في البداية ميّالة إلى استضافة الشاه. إذ كتبت بخط يدها كلمة «لا» على مذكرة داخلية تسأل هل يمكن أن تكون بريطانيا تتصرف بطريقة شريفة وترفض في الوقت ذاته أن تستقبل الشاه.



لكن الواقع السياسي على الأرض سرعان ما دفع ثاتشر إلى تغيير رأيها، فنزلت عند رأي وزارة الخارجية في خصوص ضرورة عدم استقبال الشاه لأن ذلك يمكن أن يجر ردود فعل ضد البريطانيين في إيران.



ويكشف تقرير خاص لوزارة الخارجية الأسس التي بنت عليها بريطانيا قرارها رفض استضافة الشاه. وجاء في التقرير الذي يحمل تاريخ 17 أيار (مايو) 1979:



«اذا جاء الشاه إلى بريطانيا، فسيكون من المستحيل على بريطانيا أن تقيم علاقة ذات معنى مع النظام الجديد (في طهران). سيكون هناك احتمال كبير لحصول رد فعل يطال، مثلاً، إمدادات النفط، والعقود الممنوحة لشركات بريطانية، وقدرة الشركات البريطانية على مواصلة العمل في ايران، وربما قطع العلاقات الديبلوماسية. لكننا سنكون مستعدين أن نتحمّل تبعات كل ذلك من أجل صديق قديم لبلدنا. لن يكون من تقاليدنا أن نقوم بشيء مختلف عن ذلك.



لكن الصعوبة (هنا) تكمن في نوع آخر (من العواقب) وتتعلق بالأمن. أولاً، لا يمكننا أن نضمن أمن الشاه في بريطانيا، ولن يكون أمراً مشرّفاً أن نأخذ سياسة تقضي بأن يأتي إلى هنا على أن يتولى هو تأمين حماية نفسه - خصوصاً أن قوانينا تقول إنه لا أحد يمكنه أن يحمل أسلحة سوى القوات المسلحة والشرطة (البريطانية). إن حماية شخص في بلد مثل بريطانيا أمر صعب جداً. مثلاً، حصلت عندنا حادثتا اغتيال سياسيتان في الشهور الأخيرة - اغتيال رئيس وزراء عراقي سابق واغتيال السيد آيري نيف. لا بد أن هناك ما لا يقل عن 50 ألف إيراني في بريطانيا الآن، بينهم 20 الف طالب. وفي ظل هذه الخلفية، فإن خطر حصول عملية اغتيال ضد الشاه وعائلته كبير ولا يمكننا أن نضمن سلامته مئة في المئة، على رغم كل الجهود التي يمكن أن نقوم بها.



إننا مقتنعون أن الشاه لو جاء إلى بريطانيا فسيكون هناك رد مادي ضد أشخاص بريطانيين في إيران. البلد ما زال في حال فوضى، والحكومة لا تمارس سلطة فعلية، وليس هناك وجود لقوات أمن منضبطة. نعتقد أن سفيرنا أو أعضاء في طاقمه سيؤخذون رهائن في محاولة لمقايضتهم بإعادة الشاه إلى إيران. نعتقد أن السفارة سيتم إحراقها مجدداً. السفارة حالياً لا تخضع للحماية، والحراس هم المجاهدون الذين سيكونون في الواقع الاشخاص انفسهم الذين سيقومون بأخذ الرهائن. نعتقد أن بعضاً من البريطانيين الـ 400 الموزعين في إيران سيتعرضون لهجمات من قبل متعصبين محليين، وليس هناك من وسيلة لدى الحكومة (الإيرانية) لمنع حصول ذلك.



سيكون صعباً على وزراء الحكومة البريطانية أن يأخذوا قراراً في شأن مجيء الشاه إلى بريطانيا في ضوء علمهم بأن ذلك سيؤدي إلى تعريض حياة بريطانيين وممتلكاتهم للخطر (في إيران). كما أن أمن الشاه سيكون أقل حماية في بريطانيا نظراً إلى وجود الجالية الإيرانية الكبيرة ... ونظراً إلى أن توفير حماية أمنية سيكون أسهل في دول أخرى.



لذلك، فإننا نأمل أن يفهم الشاه أنه سيكون من الأفضل أن لا يسعى إلى المجيء إلى بريطانيا في الوقت الراهن. ما أن تتحسن الأوضاع في إيران وتكون هناك حكومة تمارس سلطتها على الوضع عموماً، كل هذه العوائق ستزول وسيكون الشاه وعائلته موضع ترحيب في هذا البلد».



ولعب السير أنتوني بارسونس الذي كان آخر سفير لبريطانيا في طهران عندما أطيح الشاه، دوراً أساسياً في ترتيب خطة إقناع الشاه بعدم مغادرة مقر إقامته في جزر الباهاماس. واستقر رأي بارسونس الذي تولى في عهد ثاتشر منصب السفير الجديد لدى الأمم المتحدة وكان واحداً من «المستعربين» البارزين في الخارجية البريطانية وكان يتكلم أيضاً الإيرانية والتركية، على شخصية بريطانية يكن الشاه احتراماً كبيراً لها بهدف إيفادها إليه لإقناعه بأن لا يلجأ إلى بريطانيا. وكانت تلك الشخصية هي السفير السابق في طهران (بين 1963 و1971) السير دنيس رايت الذي بنى علاقة صداقة متينة مع الشاه خلال السنوات الثماني التي امضاها سفيراً في طهران.



وتكشف وثيقة داخلية صادرة عن وزارة الخارجية البريطانية ومؤرخة بتاريخ 21 أيار (مايو) تفاصيل لقاء بين ثاتشر واللورد كارينغتون في 14 أيار (مايو) تم فيه بت طريقة التعامل مع موضوع لجوء الشاه وقرار إرسال السير رايت للتوسط لديه. وتقول الوثيقة: «بعد دراسة مستفيضة للبدائل المتاحة أمامنا في محاولة الاتصال في شكل فاعل مع الشاه، تقرر أن السير انتوني بارسونس سيتصل بالسير دنيس رايت، السفير السابق في طهران والذي يعرفه الشاه معرفة جيّدة ويكن له احتراماً. وافق السير دنيس على أن يكون موفداً يذهب (إلى الباهاماس) ليتحدث في شكل انفرادي مع الشاه ويشرح له الصعوبات التي سيسببها مجيئه إلى بريطانيا. نظراً إلى ضرورة تفادي أي خطر لتسرّب نبأ زيارة السير دنيس علناً الى الباهاماس، تقرر أن يقوم بالزيارة تحت اسم مستعار. لقد وفرنا له الوثائق المطلوبة. إن مفوضنا السامي في ناسو، السيد دنكن، في صورة الأمر في شكل تام، ويحاول أن يمهّد الطريق للقاء. لقد قررنا أن نُبقي حكومة الباهاماس بعيدة عن هذا الأمر. سيبقى السير دنيس مع السيد دنكن. غادر السير دنيس لندن يوم السبت ومن المقرر أن يعود الى بريطانيا غداً. على رغم الاحتياطات التي أخذناها، لا يمكننا أن نضمن عدم تسرب القصة. ليس فقط (الخطر من) الصحافيين الذين يغزون الباهاماس (حالياً)، بل إن حكومة الباهاماس - إذا عرفت بالأمر - قد تضغط على الشاه للمغادرة أو إنها ستشركنا في خططه المستقبلية. كما أن أعضاء في طاقم الشاه قد يسرّبون الخبر بدورهم. لذلك قررنا أنه في حال تسرب الخبر خلال وجود السير دنيس رايت في الباهاماس، فإننا سنقول حقيقة مهمته. وإذا تفاعلت القصة أكثر، كما يمكن أن يحصل، فإننا سندرس كيف يمكن أن نتعامل مع هذه القضية بطريقة أفضل».



وكان السير بارسونس أبلغ في رسالة سرية وجّهها باسم وزير الخارجية اللورد كارينغتون المفوض السامي لبريطانيا في ناسو، عاصمة جزر الباهاماس، بخطة إرسال موفد سري للقاء الشاه، طالباً عدم كشف الأمر لأي جهة بما في ذلك حكومة الباهاماس نفسها. وجاء في الرسالة التي تحمل تاريخ 16 أيار (مايو):



1- بعد دراسة مستفيضة، قرر الوزراء، مع بعض التحفظ، أن مجيء الشاه إلى بريطانيا سيشكل لنا صعوبات خطيرة جداً. تم الاتفاق على أن نشجّعه على عدم المجيء، وبطريقة نزيهة، من خلال ارسال موفد سيصل إليه قريباً للتحدث معه على انفراد ويشرح له الصعوبات (التي سنواجهها في حال استضافته). الموفد يجب أن يكون شخصاً يعرفه الشاه ويحترمه، ولا تثير زيارته للباهاماس انتباه الصحافة. وافق السير دنيس رايت على القيام بهذه المهمة.



2- اتفقنا على أن يقوم السير دنيس بالزيارة، ويصل إلى ناسو (السبت) في 19 أيار (مايو) ويلتقي الشاه الأحد ويعود الثلثاء. ترتيب الرحلة يتطلب السرّية.



3- سنكون ممتنين إذا قمت بالآتي: انقل رسالة إلى الشاه تقول له إن موفداً من الحكومة البريطانية (لا يتم الإفصاح عن الإسم في هذه المرحلة) سيصل من بريطانيا في 19 أيار، ويود أن يلتقيك على انفراد في اليوم التالي. سنترك لك ترتيب أمر الإتصال بالشاه. نعتقد أن مستشاره الخاص هو أصلان أفشار، الرئيس السابق لديوان البلاط. ربما يمكن الحصول على طريقة الاتصال (بالشاه) من خلال ضابط الشرطة البريطاني المتعاقد لدى (حكومة) الباهاماس». وشرحت الرسالة للمسؤول آنذاك للمفوض السامي في ناسو «السيد دنكن» كيف يجب أن ينقل السير دنيس من المطار ويحجز له غرفة في فندق ويُرتب له طريقة الانتقال للقاء الشاه شرط أن لا يعرف أحد من الموظفين المحليين لديه بحقيقة ضيفه.



ورد المفوض دنكن برسالة سرية فورية قال فيها إنه سيواجه صعوبة «في ظل القدرات المحدودة» المتاحة لديه في ترتيب مثل هذه الزيارة. وقال إن ليس في جهاز الأمن الباهامي سوى رجل شرطة بريطاني واحد، وسيكون بالتالي من الصعب «اختراق» المنظومة الأمنية التي تحيط بالشاه والوصول إليه لنقل رسالة إبلاغه بنية حكومة ثاتشر إرسال موفد سري للقائه. وأشار المفوض إلى أن موضوع استضافة الشاه في جزر الباهاماس تحوّل أزمة سياسية في البلاد بين الحكومة والمعارضة، وأن الأمر يتم مناقشته في البرلمان. ونصح الحكومة البريطانية بأن تتصل برئيس وزراء الباهاماس مباشرة لإبلاغه بنيتها ارسال الموفد، وعرض أن يتوسط هو في ترتيب الاتصال بين الحكومتين. لكنه حذر في الوقت عينه من أن هناك احتمالاً لأن يتسرب خبر الموفد إلى وسائل الإعلام.



لم تقتنع الحكومة البريطانية بجواب المفوض السامي، إذ بعث إليه السير بارسونس برسالة عاجلة تحمل توقيع اللورد كارينغتون تقول: «النصحية المهنية من هنا (وزارة الخارجية) تقضي بأن من الأفضل أن تتولى أنت كامل العملية - أي أن تستقبل السير دنيس رايت في المطار وتأخذه إلى مقر اقامتك في شكل غير لافت ... كما يجب أن تتولى ترتيب تنقله إلى اللقاء (مع الشاه) وعودته منه في شكل يقلل إلى حد كبير إمكان حصول تدخل خارجي في الموضوع. في الحقيقة، نحن نطلب منك أن تدوّر الزوايا الصعبة كي لا يظهر سوى الجزء القليل منها إلى السطح. إذا قام رايت بترتيب تنقلاته لوحده، فسيكون من الصعب المحافظة على غطائه. غطاؤه سيكون إنه يمضي إجازة من العمل لقضاء عطلة نهاية أسبوع لدى صديقه القديم - أي أنت. إسم صديقك القديم إدوارد ويلسون. سيصل على متن الخطوط البريطانية الرحلة 261 الساعة 1950 السبت، 19 أيار، وسيغادر على الرحلة 266 الثلثاء، 22 أيار. سري».



ومثلما بات معروفاً، قام «ويلسون» - أي السير رايت - بزيارته السرية لناسو والتقى الشاه من دون معرفة وسائل الإعلام بهويته. تقبّل الشاه على مضض طلب صديقه القديم ولم يلجأ إلى بريطانيا. ذهب بدل ذلك إلى الولايات المتحدة لكنه لم يمكث سوى وقت قصير (للعلاج من مرض السرطان)، ثم رحل إلى بنما، ومنها إلى مصر حيث توفي في تموز (يوليو) 1980 ودُفن هناك.


Sunday 3 January 2010

qaddafi in secret message to London - 1979

this is a story i wrote based on recently- revealed papers - national archives- london

camille tawil


القذافي وجّه إلى ثاتشر «رسالة عبر البحرين» يطلب فيها فتح صفحة جديدة في العلاقات